للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثبت في "الصحيح" أنه قال ذلك لما أخبروه بموت السوداء -أو الأسود- الذي كان يقُمّ المسجد (١).

فدل على أن مجرد الإِخبار بموت الميت -من دون إِذاعة ولا تفجُّع- جائز؛ لأنّه قد ورد ما يدلّ على أنّ في كثرة المصلين عليه منفعة له، وأنهم شفعاؤه، وأيضاً لا بد من حضور من يتولى تجهيزه وحمله ودفنه، فإِخبارهم بذلك مما تدعو إِليه الحاجة وتقتضيه الضرورة.

وأمّا ما ذكَره من توابع النّعي؛ فهي ما ورد النهي عنه مِن ضرْب الخدود، وشقِّ الجيوب، والدعاء بدعوة الجاهلية؛ كما في "الصحيحين" وغيرهما".

ويستحب للمخبر أن يطلب من النّاس أن يستغفروا للميت؛ لحديث أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: "بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جيش الأُمراء فقال: عليكم زيد بن حارثة؛ فإِنْ أصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب؛ فإِن أصيب جعفرٌ فعبد الله بن رواحة الأنصاري.

فوثب جعفر فقال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله! ما كنت أرهب أن تستعمل عليّ زيداً، قال: امضهْ فإِنّك؛ لا تدْري أيُّ ذلك خير.

فانطلقوا، فلبثوا ما شاء الله، ثمّ إِنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صعد المنبر، وأمر أن ينادى (الصلاة جامعة)، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ناب خير، أو بات خير -أو ثاب خير؛ شك عبد الرحمن (يعني: ابن مهدي) -! ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي؟ إِنهم انطلقوا فلقوا العدو، فأصيب زيد شهيداً، فاستغفِروا له - فاستغفر له الناس- ثمّ أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، فشد على القوم حتى


(١) سيأتي تخريجه -إنْ شاء الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>