للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعية الصلاة على الشهداء، والأصل أنّها واجبةٌ، فلماذا لا يُقال بالوجوب؟!

قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: لما سبق ذكره في المسألة (٥٨) [يعني: من كتابه؛ وهي هنا قبل بضع صفحات] ونزيد على ذلك هنا فنقول: لقد استشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها، ولم يُنقل أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلّى عليهم ولو فعَل لنقلوه عنه، فدلّ ذلك أنّ الصلاة عليهم غير واجبة. ولذلك قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (٤/ ٢٩٥): "والصواب في المسألة ... أنه مخير بين الصلاة عليهم، وتركها؛ لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذا إِحدى الروايات عن الإِمام أحمد، وهي الأَلْيَقُ بأصوله ومذهبه".

قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: ولا شكّ أنّ الصلاة عليهم أفضل من الترك إذا تيسّرت؛ لأنها دعاء وعبادة.

الثالث: من قُتل في حدّ من حدود الله؛ لحديث عمران بن حصين: "أنّ امرأة من جُهَيْنَةَ أتت نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي حُبلى من الزّنى، فقالت: يا نبي الله! أصبت حدّاً فأقمه عليّ.

فدعا نبيّ الله وليَّها، فقال: "أحسِن إِليها، فإِذا وضعت فأْتِني بها ففعل، فأمر بها نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فشُكّت عليها ثيابها (١)، ثمّ أَمر بها فرجمت، ثمّ صلّى عليها، فقال له عمر: تُصلي عليها؟ يا نبي الله وقد زَنَتْ؟! فقال: لقد تابت توبة، لو قُسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبةً أفضل


(١) أي: شُدّت، وقد وَردت هكذا في بعض النّسخ كما قال النووي -رحمه الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>