للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "إِنّ أولئك إِذا كان فيهم الرجل الصالح فمات؛ بنوا على قبره مسجداً، وصوّروا فيه تلك الصّور، فأولئك شِرار الخلق عند الله يوم القيامة" (١).

قال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢٧٩): "وهي تدلّ دلالة قاطعة على أنّ اتّخاذ القبور مساجد حرام؛ لما فيها من لعن المتّخذين، ولذلك قال الفقيه الهيتمي في "الزواجر" (١/ ١٢٠ - ١٢١): "الكبيرة الثالثة والتّسعون: اتخاذ القبور مساجد"؛ ثمّ ساق بعض الأحاديث المتقدّمة -وغيرها مما ليس على شرطنا- ثمّ قال: "وعدُّ هذه من الكبائر؛ وقع في كلام بعض الشافعية، وكأنّه أخذ ذلك ممّا ذكره من هذه الأحاديث، ووجهه واضح؛ لأنّه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه، وجعل من فعل ذلك بقبور صُلحائه شرّ الخلق عند الله يوم القيامة، ففيه تحذير لنا كما في رواية: "يحذّر ما صنعوا"، أي: يُحذّر أمّته -بقوله لهم ذلك- من أنْ يصنعوا كصنع أولئك، فيُلعَنُوا كما لُعِنُوا ..

قال بعض الحنابلة: قَصْدُ الرّجل الصلاةَ عند القبر متبركاً بها: عين المُحادَّة لله ورسوله، وإيداع دين لم يأذن به الله؛ للنهي عنها، ثمّ إِجماعاً؛ فإِنّ أعظم المحرمات وأسباب الشرك: الصلاة عندها، واتّخاذها مساجد، أو بناؤها عليها، والقول بالكراهة محمول على غير ذلك؛ إِذ لا يظنُّ بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعن فاعله، وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور؛ إِذ هي أضر من مسجد الضّرار لأنها أسست على معصية رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنّه نهى عن ذلك، وأمر بهدم القبور المشرفة، وتجب إِزالة كلّ قنديل أو


(١) أخرجه البخاري: ٤٢٧، ومسلم: ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>