للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يوم الحج الأكبر} (١)؛ لأنّ فيه فرائض ثلاثاً من فرائض الحج، وهو الوقوف بمزدلفة لا يكون جازئاً إِلا غداة يوم النحر، وجمرة العقبة وطواف الإِفاضة؛ ويجوز تأخيره؛ فصح أن مزدلفة أشد فروض الحج تأكيداً وأضيقها وقتاً؛ وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا.

٢ - واحتجّ بعضهم بأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مدّ وقت الوقوف بعرفة إِلى طلوع الفجر، وهذا يقتضي أنّ من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر بأيسر زمان صحّ حجّه، ولو كان الوقوف بمزدلفة ركناً؛ لم يصحّ حجّه (٢).

قال ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد" (٢/ ٢٥٤): "وأمّا توقيت الوقوف بعرفة إِلى الفجر؛ فلا ينافي أن يكون المبيت بمزدلفة رُكناً، وتكون تلك الليلة وقتاً لهما كوقت المجموعتين من الصلوات (٣)، وتضييق الوقت لأحدهما لا يُخرجه عن أن يكون وقتاً لهما حال القدرة".

٣ - واحتجّ بعضهم بأنّه لو كان ركناً لاشترك فيه الرجال والنّساء، فلمّا قدَّم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النساء بالليل؛ عُلم أنه ليس بركن! فأقول:


(١) التوبة: ٣.
(٢) قلت: وإذا قلنا بركنية صلاة الفجر دون ركنية المبيت لأهل القوّة؛ في حال يضيق عليه الوقت؛ فإِنه يتمكن من الجمع بين الوقوف في عرفة قبل الفجر وشهود صلاة الفجر بالمزدلفة. وتأمّل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الحج عرفة، فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمْع؛ فقد تمّ حجّه". أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (١٧١٧)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٢٨٢٢)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٧٠٥)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (٢٤٤١)، وانظر "الإِرواء" (١٠٦٤).
(٣) يعني: كوقت آخر الظهر وأول العصر مثلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>