للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رضاع الكبير:]

وبما تقدّم من الأدلّة؛ يتبيّن لنا أن رضاع الكبير لا يُحرِّم؛ بيْد أنّ بعض النصوص تدلّ على جوازه لحاجة.

عن عائشة -رضي الله عنها-: "أنّ أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس -وكان ممّن شهد بدراً مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -- تبنّى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هنداً بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة -وهو مولى لامرأة من الأنصار-، كما تبنّى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيداً، وكان من تبنّى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إِليه، وورث من ميراثه، حتى أنزل الله {ادْعُوهُم لآبَائِهِم} إِلى قوله: {وَمَوَالِيْكُم}، فرُدُّوا إلى آبائهم، فمن لم يُعلم له أب، كان مولى وأخاً في الدّين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثمّ العامري -وهي امرأة أبي حذيفة بن عتبة- النّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله! إِنّا كنّا نرى سالماً ولداً، وقد أنزل الله فيه ما قد علِمتَ ... " (١) فذكر الحديث.

وساق الحديثَ بتمامه أبو داود بلفظ: " ... فكيف ترى فيه؟ فقال لها النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أرضعيه. فأرضعته خَمْس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة" (٢).

وفي رواية عن عائشة: "أنّ سالماً مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت (تعني ابنة سهيل) النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: إِنّ سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعقل ما عقلوا، وإنه يدخل علينا، وإني أظنّ أنّ في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً؟! فقال لها النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب


(١) أخرجه البخاري: ٥٠٨٨.
(٢) "صحيح سنن أبي داود" (١٨١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>