للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسريح بإِحسان فقال: {فإِمساك بمعروف أو تسريح بإِحسان} (١)، ونهى عن مضارتهن فقال: {ولا تُضَاروُّهنّ} (٢). فالغائب إِن حصل مع زوجته التضرّر بغيبته جاز لها أن ترفع أمرها إِلى حُكّام الشريعة، وعليهم أن يخلِّصوها من هذا الضرار البالغ. هذا على تقدير أنّ الغائب تَرَك لها ما يقوم بنفقتها، وأنها لم تتضرر من هذه الحيثية، بل من حيثية كونها لا مزوجة ولا أيمّة. أمّا إِذا كانت متضررة بعدم وجود ما تستنفقه مما تركه الغائب؛ فالفسخ بذلك على انفراده جائز ولو كان حاضراً؛ فضلاً عن أن يكون غائباً، وهذه الآيات التي ذكَرناها وغيرها تدل على ذلك.

فإِن قلت: هل تعتبر مدة مقدرة في غيبة الغائب؟

قلت: لا؛ بل مجرد حصول التضرر من المرأة مُسوِّغ للفسخ بعد الإِعذار إِلى الزوج؛ إِن كان في محلٍّ معروف، لا إِذا كان لا يعرف مستقره، فإِنه يجوز للحاكم أن يفسخ النكاح بمجرد حصول التضرر من المرأة، ولكن إِذا كان قد ترك الغائب ما يقوم بما تحتاج إِليه، ولم يكن التضرر منها إِلا لأمر غير النفقة ونحوها؛ فينبغي توقيفها مدة، يخبر مَنْ له عدالة من النساء؛ بأن المرأة تتضرر بالزيادة على تلك المدة.

وأمّا إِذا لم يترك لها ما تحتاج إِليه؛ فالمسارعة إِلى تخليصها، وفكِّ أسْرها ودفْع الضرار عنها واجب. ثمّ إِذا تزوجت بآخر؛ فقد صارت زوجته، وإِنْ عاد الأول فلا يعود نكاحه؛ بل قد بطل بالفسخ".


(١) البقرة: ٢٢٩.
(٢) الطلاق: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>