للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيشربُه إِذا أصبح، يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد والليلة الأخرى، والغد إِلى العصر فإِن بقي شيء، سقاه الخادم أو أمَر به فصُبَّ" (١).

وفي رواية: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْتَبذُ له في سِقاء قال شعبة: من ليلة الاثنين فيشربه يوم الاثنين والثلاثاء إِلى العصر فإِن فَضَل منه شيء؛ سقاه الخادم أو صبّه" (١).

قال النووي -رحمه الله-: "معناه تارة يسقيه الخادم، وتارة يصبه، وذلك الاختلاف لاختلاف حال النبيذ، فإِنْ كان لم يظهر فيه تغيُّر ونحوه من مبادئ الإِسكار؛ سقاه الخادم ولا يريقه؛ لأنه مالٌ تحرم إِضاعته ويترك شربه تنزهاً.

وإِن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإِسكار والتغير أراقه، لأنه إِذا أسكر صار حراماً ونجساً (٢)، فيراق ولا يسقيه الخادم، لأن المسكر لا يجوز سقيه الخادم، كما لا يجوز شربه، وأمّا شربه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الثلاث فكان حيث لا تغير ولا مبادئ تغير ولا شك أصلاً. والله أعلم".

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "علمْتُ أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم، فتحينت فطره بنبيذٍ صنعته في دباء، ثمّ أتيته به فإِذا هو يَنِشُّ (٣)، فقال: اضرب بهذا الحائط، فإِنّ هذا شرابُ مَن لا يؤمن بالله واليوم الآخر" (٤).


(١) أخرجه مسلم (٢٠٠٤).
(٢) وقد تقدّم الكلام حول عدم نجاسة الخمر في الجزء الأوّل.
(٣) أي: يغلي.
(٤) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣١٦٠)، وابن ماجه، "صحيح سنن ابن ماجه" (٢٧٥٢) والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٥١٨٣)، وانظر "الإرواء" (٢٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>