للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عباس قال: "جاء ماعز بن مالك إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاعترف بالزنا مرتين فطرده، ثمّ جاء فاعترف بالزنا مرتين، فقال: شهدت علي نفسك أربع مرّات، اذهبوا به فارجموه" (١).

فتأمّل حديث نعيم بن هزال وقوله: "فأعرَض عنه" أي أعرض عنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قال: إِني زنيت وأيضاً: "حتّى قالها أربع مرار، ثمّ قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنّك قد قلتها أربع مرّات فبمن؟ ".

فماذا لو قالها مرةً، وحين رأى إِعراض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مضى ولم يعُد؟!

وتأمّل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هل ضاجَعَتها؟ ... هل باشرتها؟ ... هل جامعتها؟

وفي بعض الروايات: "لعلّك قبّلت أو غمزت أو نظرت" حتى قال: "أنِكتَها، لا يُكنّي" (٢).

وتأمّل بعد ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: "هلا تركتموه" حينما بلغه جزعُه وفرارُه من الرجم.

فهذا فيه ما فيه من الدعوة إِلى ستْر النفس والإِقلاع عن المعصية والندم وإِحسان التوبة إِلى الله -عزّ وجلّ- وهذا مطلبٌ سامٍ ومقصد عظيم، -والله أعلم-.

وأما ما جاء في رواية محمد بن إِسحاق ... في قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فهلا تركتموه وجئتموني به، ليستثبت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، فأمّا لترْكِ حد فلا" فهذه ليست من قول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإِنما هي تفسير مِن الراوي، والسؤال ماذا بعد


(١) أخرجه مسلم (١٦٩٣) وأبو داود واللفظ له "صحيح سنن أبي داود" (٣٧٢٣).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>