للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائر ما لا يَقْتُل غالباً إِذا قتل؛ فهو شبه عمد؛ لأنه قصَد الضرب دون القتل، ويُسمّى عمدَ الخطأ وخطأ العمد؛ لاجتماع العمد والخطأ فيه فإِنه عَمَد الفعل وأخطأ في القتل (١).

*ولما لم يكن عمداً محضاً، سقط القَوَد؛ لأن الأصل صيانة الدماء، فلا تُستباح إِلا بأمر بيّن، ولما لم يكن خطأ محضاً -لأن الضرب مقصود بالفعل دون القتل- وَجَبَت فيه دِيَة مُغلظة* (٢).

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: أنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "عَقلُ (٣) شبهِ العمد مُغَلّظ؛ مثل عقْلِ العمد، ولا يُقتَل صاحبه، وذلك أن ينزو (٤) الشيطَان بين الناس فتكون دماء في عِمّيّا (٥) في غير ضغينة (٦) ولا حمْلِ سلاح" (٧).


(١) "المغني" (٩/ ٣٣٧).
(٢) ما بين نجمتين من "فقه السنة" (٣/ ٢٩٥).
(٣) العقل: أي: الدّية وأصلُه: أنّ القاتل إِذا قَتَل قتيلاً جمَع الدِّية من الإِبل فعَقَلها بفِناء أولياء المقتول: أي: شَدّها في عُقُلها ليُسَلمها إِليهم ويَقبضُوها منه، فسُميت الدِّية عَقلاً بالمصدر. يقال عَقَل البعير يَعْقله عقلاً، وجمعُها عقُول. وكان أصل الدِّية الإِبل، ثم قُوّمت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها. "النهاية".
(٤) النزو: الوثوب والتسرّع إِلى الشّر؛ انظر "النهاية" و"عون المعبود" (١٢/ ٢٠٠) وسيأتي كلام الحافظ -رحمه الله- قريباً بإِذن الله.
(٥) عِمّيّا: -بكسر العين والميم المشددة وتشديد الياء-: أي: في حالٍ يعمى أمْرُه، فلا يتبين قاتله ولا حالُ قتْله، فحُكمه حُكم قتيل الخطأ؛ تجب فيه الدِّية "النهاية" -بتصرف يسير-.
(٦) الضغينة: الحقد والعداوة والبغضاء.
(٧) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٨١٩)، وانظر المشكاة (٣٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>