للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "نُحِلت لرجل من بني مدلج جارية، فأصاب منها ابناً، فكان يستخدمها، فلما شبّ الغلام دعاها يوماً، فقال: اصنعي كذا وكذا، فقال: لا تأتيك، حتى متى تستأمي أمي (١)؟!

قال: فغضب، فحذفَه بسيفه، فأصاب رجله، فنزف الغلام فمات.

فانطلق في رهطٍ من قومه إِلى عمر -رضي الله عنه- فقال: يا عدو نفسه أنت الذي قتلت ابنك؟! لولا أنيّ سمْعتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا يقاد الأب من ابنه" لقتلتك، هلم دِيَته.

قال فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير، قال: فخيّر منها مائة، فدفَعهَا إِلى ورثته، وتَرَك أباه" (٢).

٥ - أن يكون القاتل مختاراً فإِنّ الإِكراه يسلبه الإِرادة، ولا مسؤولية على من فقَد إِرادته.

وقد تقدَّم هذا في أكثر من مسألة، وإِذا أَمَر مكلّفٌ غيرَ مكلفٍ بأن يقتل غيره، مثل الصغير والمجنون، فالقِصاص على الآخر، لأن المباشِر للقتل آلة في يده، فلا يجب القِصاص عليه، وإِنّما يجب على المتسبب.


(١) تستأمي أمي: أي: تسترقّها.
(٢) أخرجه ابن الجارود والبيهقي بهذا التمام، والدارقطني من طُرُق، وقال شيخنا -رحمه الله-: "وهذا إِسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وفي عمرو بن أبي قيس كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقد ذكر الحافظ الزيلعي عن البيهقي أنّه قال: "وهذا إِسنادٌ صحيح" ولعلّ هذا في كتابه "المعرفة" فإِنّي لم أره في "السنن".
وقال الحافظ في "التلخيص": وصحح البيهقي سنده؛ لأنّ رواته ثقات. وانظر "الإِرواء" (٧/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>