للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنّ بالسنّ والجروح قِصاص فمنْ تصدّق به فهو كفّارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (١).

قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره": "وقد استدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إِلى أنّ شرعَ مَنْ قبلنا شرع لنا؛ إِذا حُكِى مُقرّراً ولم يُنسَخ؛ كما هو المشهور عن الجمهور، وكما حكاه الشيخ أبو إِسحاق الإِسفراييني عن نص الشافعي وأكثر الأصحاب بهذه الآية، حيث كان الحكم عندنا على وفقها في الجنايات عند جميع الأئمة".

وقال -رحمه الله- أيضاً في "تفسيره": "قال علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، قال: تقتل النفس بالنفس، وتُفقَأ العين بالعين، ويقطع الأنف بالأنف، وتُنزَع السنّ بالسنّ وتُقتَصّ الجراح بالجراح".

وفي حديث أنس -رضي الله عنه- أنّ الرّبيِّع -وهي ابنةُ النّضر- كسرَت ثَنيَّة جاريةٍ، فطلبوا الأرشَ (٢) وطلبوا العفو، فأبَوا. فأبَوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأمَرهم بالقِصاص.

فقال أنس بن النّضر: أتُكسر ثَنيَّة (٣) الرّبيِّع يا رسول الله؟ لا والذي بعَثَكَ بالحقّ لا تُكسر ثنيّتها. فقال: يا أنس كتابُ الله القِصاص. فرضي القوم وعَفوا.

فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِن مِن عباد الله مَن لو أقسم على الله لأَبرّه". زاد الفزاري


(١) المائدة: ٤٥.
(٢) الأرش: الدِّية.
(٣) الثنية: إحدى الأسنان الأربع التي في مُقدّم الفم: ثنتان من فوق وثنتان من تحت.

<<  <  ج: ص:  >  >>