للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسْقٍ من طعام" (١).

فعباد بن شرحبيل -رضي الله عنه- قال: أصابتني سَنَة -أي: جدب- فدخل حائطاً من حيطان المدينة ... وقد لام النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صاحب الحائط، فقال له: " ... ولا أطعمته إِذْ كان ساغباً".

فهذا واجب متعيّن على القادر؛ أن يطعم الجائع، سواء أكان من الزكاة الواجبة أو الصدقة، أو فيما دخل في قاعدة "في المال حقٌّ سوى الزكاة".

وجاء في تمام النصِّ "وأعطاني وسْقاً أو نصف وسْقٍ من طعام" طرداً لجوعه وجبراً لخاطره، وتفريجاً لكربه.

وهذا كله شريطة عدم الإفساد والحمل واتخاذ الخبيئة، ففي هذه الحالة وبهذه الضوابط؛ لا يضمن ما أخَذه من طعام أو شراب.

ومن الأدلّة على عدم الضمان؛ أنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر المارّ على الماشية بعد أن يُصوّت؛ بضمان ما شَرِبه؛ لكن نهاه عن الحمل والإِفساد فحسب. والله -تعالى- أعلم.

وقد ورَد الضّمانُ في أَخْذ الطعام كما في النصّ الآتي:

عن عمير مولى آبي اللحم قال: "أقبلتُ مع سادتي نُريد الهجرة، حتى دَنَوْنا من المدينة، قال: فدخلوا المدينة وخَلَّفوني في ظهرهم، قال: فأصابني مجاعة شديدة، قال: فمرَّ بي بعض من يخرُجُ من المدينة فقالوا لي: لو دخَلْتَ المدينة فأصبْتَ من ثمرِ حوائطها، فدخلتُ حائطاً فقطعتُ منه قِنْوينِ (٢)


(١) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وأحمد وانظر "الصحيحة" (٤٥٣).
(٢) القِنو: هو العِذق: وهو الغضن له شعب بما يحمله من الرُّطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>