للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحقوق. ولكن: لا بُدّ من تفصيلٍ فيما يتعلق بالتّعرض للمبارزة والوقوف في أول المقاتلة.

فإنْ كان أُوتي من الشجاعة والإقدام، ما يُمكنه أن يُحقّق نصراً أو يكون سبباً في استجلاب نفعٍ عامّ أو مصلحة راجحة؛ فلا حرج من مبادرته بذلك.

فأمّا الدين، فلا يضرُّه عدم أدائه؛ إذا كان قد بذَل الأسباب المطلوبة منه، ولا يخفى دور الإمام في سدِّ هذا الأمر، والله -تعالى- أعلم.

قلت: ثمّ اطلعت على ما جاء في "الإنجاد" (١/ ٥٧) وفيه: "وأمّا المِدْيان (١) فاختلفوا فيه، فرُوي عن الأوزاعي أنّه أرخص في خروجه إلى الجهاد مِن غير إذْنِ صاحب الحقِّ، ورُوي عن الشافعي أنه ليس له أن يغزو بحالٍ؛ إلاَّ بإذْن أهل الدَّيْن، وسواءٌ كان الدَّين لمسلمٍ أو كافر، وفرَّق مالكٌ بين أن يجد قضاءً أو لا يجد، واختلفت مع ذلك فيه الروايات عنه ...

... وقد جاء في أمر الدَّين تشديدٌ كثير غير هذا؛ فأقول [الكلام لصاحب "الإنجاد"]: إنّ تعلّق المأثم بالدَّين، إنما يكون حيث التقصيرُ المُتْلِفُ لذلك الحقِّ، إمّا بالمَطْلِ أو الجحود، أو تَرْكِ أنْ يوصيَ به، وإمّا أنْ يَدَّانَ في غير الواجب، وهو ممَّن لا يقدر على الأداء، وما أشبه ذلك.

وللمِدْيان عند إرادة الغزو حالان: مَلاَءٌ أو عَدَمٌ.

فأمّا المليء، فإنْ كان حَلَّ دينُه، فالظاهر أنّه لا يجوز أنْ يغزوَ بغير إذْنِ صاحب الحقِّ، فإنْ كان دينه لم يحلَّ بعدُ، فهذا له أن يغزو، وعليه أن يوكِّل مَن


(١) المِدْيان: هو الذي يُقرض كثيراً ويستَقْرِض كثيراً. انظر "المحيط".

<<  <  ج: ص:  >  >>