للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقضيه عنه عند حلوله، والدليل على ذلك أنَّ مَن كان مليئاً، وقد حلَّ الحقُّ عليه، فهو مأمورٌ كلَّ وقتٍ بالقضاء، ففِعْلُه ما يحول بينه وبين ذلك؛ مِن غير إذن صاحب الحق لا يحلُّ له.

خرَّج مسلم (١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مَطْلُ (٢) الغني ظُلْم، وإذا أُتبع أحدكم على مليءٍ فَلْيتْبَعْ" (٣).

وأمّا إذا لم يَحُلْ، فلا حَقَّ عليه الآن في الأداء، فلا يتَّصف بالمطلِ، فليس عليه أنْ يستأذنه، لكن عليه باتفاقٍ أن يوصيَ به، ويُوكِّل على قضائه، فإذا فعَل ذلك فقد أدَّى ما لزِمه ساعتئذِ، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وإذا أُتبع أحدكم على مليءٍ فَلْيتْبَعْ".

وأمَّا إنْ كان عديماً لا يَجِدُ قضاءً، ولا يرجو كَسْباً، فهذا روي عن مالك أنه سُئِل عنه فلم يرَ بجهاده بأساً، يعني: وإن لم يستأذِن غريمه، وهذا ظاهر؛ لأنه لا منفعة له في منْعِه، وليس ممّن عليه حَبْسٌ ولا سلطان، بل هو مخلَّى بإنظار الله -عزّ وجلّ- إياه، فلا يَجِب له عليه شيءٌ، ما دام على حالته تلك. قال بعض المتأخرين: ولعله يُرزق في الغزو ما يؤدي به دَينه، ففي الغزو خيرٌ لهما.

وقد رُوي -أيضاً- عن مالك ما ظاهِرُه، أنه يَجِب الاستئذانُ على مَن لم يجد وفاءَ من دَيْنِهِ، ولا استئذان على من ترَك وفاءً".


(١) برقم (١٥٦٤)، وانظر "صحيح البخاري" ٢٢٨٧، ٢٢٨٨، ٢٤٠٠.
(٢) هو مَنْع قضاء ما استُحِق أداؤُه.
(٣) معناه: إذا أُحيل بالدَّين الذي له على موسر، فليَقْبَل الحوالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>