للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وقد قيل له: لو أنّ خيلاً أغارَت من الليل، فأصابت مِن أبناء المشركين-قال: "هم مِن آبائهم" (١).

فهذا في نِساء المسلمين وأبنائهم ظاهر، فأمَّا الأسرى مِن المسلمين يكونون معهم في الحصون، فدليلُ مَن أجاز ذلك؛ هو مِن طريق المعنى، وذلك أنَّ قولَه في أبناء المشركين: "هم من آبائهم" ليس على معنى أنهم كُفَّار؛ لأنهم لم يبلُغوا، فلم يخاطَبوا بَعْدُ بالإيمان، ولم يَجْرِ عليهم التكليف، فلا يصحُّ إطلاق وصْفِ الكفر عليهم، لكن معنى: "هم منهم": رَفْعُ الخرج عن المسلمين في إصابتهم بحُكم الاضطرار، ومعرَّة الاقتحام، أي: لا مأثم يلحق في إصابتهم، فكذلك يجري المعنى في حُكْم الأسرى من المسلمين؛ إنْ أُصيب منهم أحدٌ في أثناء الاقتحام.

ووجه المنعِ في الجملة على نحو ما رُوِي عن ابن القاسم: أن لا يُرموا بالمجانيق إذا كان معهم النساء والأطفال؛ عُموم النهي عن قَتْلهم؛ ولأنّ الحديث في إرخاص ذلك؛ إنَّما جاء في البيات والغارات، حيث تدعو الضرورة إلى المباغتة، ولا يوقَن بالذراريّ أن يُصابوا.

وأمَّا رمي الحصون -وقد عُلم ما فيها من الذريَّة، والأمر فيهم على الرَّوية وعدم الاضطرار- فليس ممَّا أبيح مِن ذلك، هذا ونحوه هو الذي يتوجه لهذا القول.


= الناس من الرعي فيها، والمقصود مِن الحصر؛ إبطال ما كان يحميه الرجل العزيز مِن أهل الجاهلية؛ يأتي الأرض الخصبة فيستَعوي كلباً؛ فيحمي مدى صوت الكلب من كل وجهة، ويمنع الناس أن يرعوا حوله".
(١) أخرجه مسلم: (١٧٤٥ - ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>