للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَوْلَى -إن شاء الله- والذي نختاره التفصيل في ذلك، فنقول [القول لمصنِّف "الإنجاد"]:

أمَّا إنْ لم يُعلم في الحِصنِ أحدٌ من أُسارى المسلمين؛ فالأظهر جواز رميِهم، مع كون النساء والذريَّة في جملتهم، بدليل الحديث في قوله: "هم منهم"، إذا لم يُقصَدوا، وكان إصابتهم لضرورة الاقتحام، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهم: "لا حِمى إلاَّ لله ولرسوله".

وأمَّا إنْ كان في الحصن أحدٌ من أسارى المسلمين، يُعلم ذلك، فالأظهر توقِّي استعمال ما لا يُؤمَن فيه إصابتُهم، فإْنْ عُلم أنّ ذلك لا يصيب الأسرى، فلا بأس، وذلك لأنّ حديث الصّعب بن جثَّامة؛ لم يجرِ فيه ذِكْر مُسلمٍ، إنما هو في نساء المشركين وأبنائهم، فلا يستباح بذلك الاجتراء في أمر المسلمين.

وأظهرُ من هذا والأتمُّ حُجَّةً قولُ الله -تعالى- في تأخير القتال عن أهل مكة عام الحديبية: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (١). فهذا نصٌ في وجوب التَوقِّي.

فإن قيل: إنَّ ذلك خاصٌّ بأهل مَكَّة، فهو دعوى؛ لأن الله -تعالى- إنَّما جعل الحُرمة في ذلك للإيمان لا للبلد، وهذا التفصيل والفَرْق الذي اخترناه؛ إنما نَعْني به الحُكمَ في قتال الحصون، وحيث لا ضرورة تدعو المسلمين؛ لكَسْر العدو ومدافعتهم.

وأمَّا عند لقاء جيوش المشركين، وفيهم أُسارى من المسلمين، فأرجو -إن


(١) الفتح: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>