للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة، فكل مَن بَذَلَ نفسه لإعزاز الدِّين، وتوهينِ أهْلِ الكفر؛ فهو المقام الشريف الذي تَتَوجّه إليه مُدْحَةُ الله -تعالى-، وكريمُ وعْدِه في قوله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} (١)، وقال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (٢).

قلت: والراجح: جوازُ حَمْلِ الرجل وحده على جيش العدوِّ حال الاضطرار، إذا أحاط به العدوُّ، لخوفه تغلُّبَهم عليه وأسْرَهم إيّاه. ويجوز في حالٍ يكون في صفِّ المسلمين ويجد في نفسه القوة فيحمل غضباً لله، محتسباً نفسه لله، يفعله لنكاية العدوِّ أو إرهابه، أو ليُجرِّئَ المسلمين، ويفعلوا مِثْل ما فَعَل، إذا ترجَّح لديه الظنُّ أنّ في هذا منفعةَ المسلمين. ولا يجوز هذا الحمل إرادة السمعة


= إعلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما في ذلك من الخير فقُتِل". وانظر: "الأوسط" (١١/ ٣٠٦ - ٣٠٧). وكلام الإمام أحمد في "مسائل صالح" (٢/ ٤٦٩) قال: "قلت: الأسير يَجِدُ السيف أو السلاح فيحمل عليهم؛ وهو لا يعلم أنّه لا ينجو، أعان على نفسه؟ قال: أما سمعْتَ قولَ عمر حين سأله الرجل فقال: إنّ أبي أو خالي ألقى بيده إلى التهلكة؟ فقال عمر: "ذلك اشترى الآخرة بالدنيا".
وقال أبو داود في "مسائله" (٢٤٧): "سمعت أحمدَ بنَ حنبل يقول: إذا عَلِم أنهُ يؤسَر فليقاتل حتى يُقْتل أحب إليَّ". وقال: "لا يستأسر، الأسر شديد". وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن الأسير إذا أُسر؛ له أن يقاتلهم؟ قال: "إذا علم أنّه يقوى بهم".
(١) التوبة: ١١١.
(٢) البقرة: ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>