للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم أحداً.

فقال عاصم بن ثابت -أمير السريّة-: أمّا أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمّة كافر، اللهم أخبر عنّا نبيّك، فرموهم بالنَّبْل، فقتلوا عاصماً في سبعة، فنزَلَ إليهم ثلاثة رهطٍ بالعهد والميثاق، منهم خُبَيْبٌ الأنصاريّ، وابن دَثِنَةَ ورجلٌ آخر، فلمّا استمكنوا منهم أطلقوا أوتارَ قِسِيِّهم (١) فأوثقوهم.

فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبُكم، إنّ لي في هؤلاء لأُسوةً -يريد القتلى- فجرّروه وعالجوه على أن يصحبَهم فأبى، فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دَثِنة؛ حتى باعوهما بمكّة بعد وقعة بدرٍ، فابتاع خبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيبٌ هو قَتَل الحارث بن عامر يوم بدرٍ، فلبِثَ خبيبٌ عندهم أسيراً. فأخبرني عبيد الله بن عِياض أنّ بنت الحارث أخبرته أنّهم حين اجتمعوا؛ استعار منها موسى يَسْتَحِدُّ بها (٢) فأعارته، فأخذ ابناً لي وأنا غافلةٌ حين أتاه.

قالت: فوجدته مُجْلِسَه على فخذه والموسى بيده، ففزعْت فزعةً عَرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشَيْن أنْ أقتلَه؟ ما كنت لأفعل ذلك.

والله ما رأيت أسيراً قطُّ خيراً من خبيب، والله لقد وجدتُه يوماً يأكل من قِطْف عِنَبٍ في يده، وإنّه لموثَقٌ في الحديد وما بمكَّةَ مِن ثمر. وكانت تقول إنّه لَرِزق من الله رَزَقَه خُبيباً.


(١) جمع قوس.
(٢) يستحِدُّ بها: مِن الاستحداد، وهو حلْق شعر العانة، وهو استفعال مِن الحديد. "عمدة القاري".

<<  <  ج: ص:  >  >>