للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمِلْ إليها، واقبَلْ منهم ذلك؛ ولهذا لما طلَبَ المشركون عام الحديبية الصلحَ ووضْعَ الحرب بينهم وبين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعَ سنين؛ أجابهم إلى ذلك؛ مع ما اشترطوا من الشروط الأُخَر.

قال الإمام البخاريّ -رحمه الله-: (باب ما يُحذَر من الغدر) وقول الله - تعالى-: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} (١).

ثمّ ذكر تحته حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- وفيه "اعدُد ستّاً بين يدي الساعة"، ومنها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثمّ هُدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر (٢)، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية (٣)، تحت كل غاية اثنا عَشَرَ ألفاً" (٤).

وعن البراء -رضي الله عنه- قال: "اعتمَر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخُل مكة؛ حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام.

فلمّا كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا لا نقرّ بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمّد بن عبد الله، قال: أنا رسول الله وأنا محمّد بن عبد الله، ثمّ قال لعليّ: امْحُ رسولَ الله، قال: لا والله لا أمحوك أبداً.

فأخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكتاب فكتَب: هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله،


(١) انظر "صحيح البخاري" (كتاب الجزية والموادعة) (باب - ١٥).
(٢) هم الروم.
(٣) أي: راية.
(٤) انظر "صحيح البخاري" (٣١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>