للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مأمِنه ووطنه.

لكن قال العلماء: لا يجوز أن يمكَّن مِن الإقامة في دار الإسلام سنة، ويجوز أن يمكَّن مِن إقامة أربعة أشهر، وفيما بين ذلك فيما زاد على أربعةِ أشهر ونقَص عن سنة قولان؛ عن الإمام الشافعي وغيره من العلماء، رحمهم الله". انتهى.

قلت: والذي يبدو أن الأمر يرجع إلى الحاكم، فهو الذي يرجّح المُدّة ما بين الأربعة أشهر والسنة، مع تحرّي المصلحة، والله -تعالى- أعلم.

مَن أَمّنه أحد المسلمين صارَ آمناً

عنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنْ أَبيه قَالَ: "خَطَبَنَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ (١)، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَالَ: وَالله مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلَّا كِتَابُ اللهِ وَمَا فِي هَذِه الصَّحِيفَةِ، فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا أَسَنَانُ الْإِبِلِ (٢)، وإذَا فِيهَا: المدِينَةُ حَرَمٌ مِن عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالملَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً (٣)، وَإِذَا فِيهِ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ (٤)،


(١) آجُرٍّ: هو الطوب المشويّ.
(٢) أسنان الإبل: أي إبِل الدّيات؛ لاختلافها في العمد وشبهه والخطأ، وانظر "شرح الكرماني" (٢٥/ ٤٦).
(٣) لا يقبل الله صرفاً ولا عدلاً: قال الكرماني -رحمه الله- (٢٥/ ٤٦): "الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة، وقيل بالعكس".
(٤) ذمّة المسلمين واحدة: قال الإمام النّووي -رحمه الله-: "المراد بالذِّمّة هنا الأمان، معناه أنّ أمان المسلمين للكافر صحيح"، وقال الحافظ -رحمه الله- في الفتح (٤/ ٨٦): "أي أمانهم صحيح فإذا أمّن الكافرَ واحدٌ منهم؛ حَرُم على غيره التعرّض له".

<<  <  ج: ص:  >  >>