للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن سُلَيم بن عامر -رجلٍ مِن حِمْيَر- قال: "كان بين معاويةَ وبينَ الروم عهدٌ، وكان يسيرُ نحو بلادِهم؛ حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجلٌ على فرَس أو بِرذَون (١)، وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غَدر، فنظروا فإذا عمرو بن عَبَسَة، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعْتُ رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: مَن كان بينه وبين قوم عهد؛ فلا يشدَّ عقدةً ولا يحُلّها (٢) حتى ينقضيَ أمدُها أو يَنْبِذَ (٣) إليهم (٤) على سواء (٥)، فرجع معاوية (٦) " (٧).

قال الله- تعالى-: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (٨).


(١) قال في "المرقاة" (٧/ ٥٣٥): "المراد بالفرس هنا العربيّ، والبِرذَون التركي من الخيل".
(٢) يَحُلُّها مِن الحلّ، بمعنى نقْض العهد، والشدّ ضدّه، والظاهر أنّ المجموع كناية عن حِفظ العهد، وعدم التعرض له، ولفظ الترمذي "فلا يحلّن عهداً ولا يشدنّه" قال في "المرقاة" (٧/ ٥٣٦): "أراد به المبالغة عن عدم التغيير، وإلا فلا مانع من الزيادة في العهد والتأكيد، والمعنى: لا يُغيّرنّ عهداً ولا ينقضنّه بوجه ... قال الطيبي: هكذا بجملته عبارة عن عدم التغيير في العهد، فلا يذهب على اعتبار معاني مفرداتها".
(٣) أي يرمي عهدَهم.
(٤) بأن يُخبرهم أنّ نقض العهد على تقدير خوفِ الخيانة منهم "المرقاة" (٧/ ٥٣٦).
(٥) قال الطيبي: "قوله: (على سواء): حال. قال المظهر: أي يُعلمهم أنّه يريد أن يغزوَهم، وأنّ الصلح قد ارتفَع، فيكون الفريقان في عِلم ذلك سواء". انظر"المصدر السابق".
(٦) أي بالناس، وهي بعض الروايات الثابتة. وانظر "صحيح سنن الترمذي" (١٢٨٥).
(٧) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢٣٩٧) والترمذي، "صحيح سنن الترمذي" (١٢٨٥)، وانظر "المشكاة" (٣٩٨٠).
(٨) التوبة: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>