للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنفَق أموالَهما في سبيل الله، كما أخبَر بذلك ووعَد به رسول الله -عليه مِن ربّه أتمّ سلام وأزكى صلاة-.

ثمّ لمّا كانت الدولة العثمانية (١)، امتدَّت المماليك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففُتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك: الأندلس، وقبرص، وبلاد القيروان، وبلاد سَبْتَةَ؛ مما يلي البحر المحيط، ومِن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقُتِل كسرى، وباد مُلْكُه بالكُلّية، وفُتحت مدائن العراق، وخُراسان، والأهواز، وقَتَل المسلمون مِن الترك مقتلةً عظيمةً جداً، وخذَل الله ملكهم الأعظم خاقان، وجُبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمْعِه الأمّة على حِفظ القرآن.

ولهذا ثبَت في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنّه قال: "إن الله زَوَى (٢) لي الأرض، فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغُ ملك أمّتي ما زُوي لي منها" (٣).

فها نحن نتقلب فيما وعَدَنا الله ورسوله، وصدَق الله ورسوله، فنسأل الله الإيمان به، وبرسوله، والقيام بشُكره على الوجه الذي يُرضيه عنّا.

قال الإمام مسلم بن الحجاج في "صحيحه": حدَّثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سَمُرَة قال: "سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لا يزال أمْرُ الناس ماضياً ما وَلِيَهم اثنا عشر رجلاً ثمّ تكلَّم النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكلمة


(١) أي في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
(٢) أي: جمع وضمّ.
(٣) أخرجه مسلم: ٢٨٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>