للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخنا -رحمه الله- في التعليق: "إذا كان مثل هذا التَفرُّق الذي إنما هو في أمر عاديّ مِن عمل الشيطان، فما بالك بالتّفرُّق في الدين، وفي أعظم أركانه العملية؛ كالصلاة مَثَلاً، حيث نرى المسلمين يتفرقون فيها وراء أئمّة متعدّدة في مسجدٍ واحد، أفليس ذلك مِن الشيطان؟ بلى وربي، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (١) " انتهى.

وإذا كانت الجماعة هي القوةَ التي تحمي دين الله، وتحرُس دنيا المسلمين، فإنّ الفرقة هي التي تقضي على الدين والدنيا معاً.

ولقد نهى الإسلام أشد النهي عن الفُرقة، إذ هي الطريق المفتوح للهزيمة، ولم يؤتَ أهل الإسلام مِن جهةٍ كما أُتيَ مِن جهةِ الفُرقة التي ذهَبَت بقوّتهم، والتي تخلّف عنها: الضر، والفشل، والذلّ، وسائر ما يعانون منه.

قال -تعالى-: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٢)، وقال -تعالى-: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحُكُم} (٣)، وقال -تعالى-: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} (٤).

قال الإمام ابن جرير -رحمه الله-: "أي تعلّقوا بأسباب الله جميعاً؛ يريد بذلك -تعالى ذِكْره- وتمسّكوا بدين الله الذي أمَرَكم به، وعَهْدِه الذي عَهِده


(١) ق: ٣٧.
(٢) آل عمران: ١٠٥.
(٣) الأنفال: ٤٦.
(٤) آل عمران: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>