للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرافقته في الجنَّة: "فأعنّي على نفسك بكثرة السجود".

والجواب: إِنَّ هذا تمسُّكٌ واهٍ جداً، فإِنَّ العمل بالمطلقات على إِطلاقها إِنّما يسوغ فيما لم يقيّده الشارع من المطلقات، أمّا إِذا قيّد الشارع حُكماً مطلقاً بقيد؛ فإِنَّه يجب التقيُّد به وعدم الاكتفاء بالمطلق، فإِنَّ مسألتنا (صلاة التراويح) ليست من النوافل المطلقة، لأنها صلاة مقيّدة لا بنصّ عن رسول الله.

وما مثَل من يفعل ذلك؛ إلاَّ كمن يصلي صلاة يخالف بها صلاة النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المنقولة عنه بالأسانيد الصحيحة؛ يخالفها كمًّا وكيفاً؛ متناسياً قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (١) محتجًّا بمِثل تلك المطلقات! كمن يصلّي مثلاً الظهر خمساً وسنة الفجر أربعاً!

الأحوط اتباع السنّة:

واستطرد شيخنا -حفظه الله تعالى- قائلاً: "على أنَّه مهما قيل في جواز الزيادة أو عدمها، فما أظنّ أنّ مسلماً يتوقّف -بعد ما سلف بيانه- عن القول بأنّ العدد الذي ورَد عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل من الزيادة عليه لصريح قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وخير الهدي هدي محمّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، رواه مسلم (٢)، فما الذي يمنع المسلمين اليوم أن يأخذوا بهذا الهدي المحمّدي ويدَعُوا ما زاد عليه من باب "دَعْ ما يَريبك إِلى ما لا يَريبك" ... وأنهم صلَّوها بالعدد الوارد في السُّنّة في مِثل المدّة التي يصلّون فيها العشرين؛ لكانت صلاتهم صحيحة مقبولة باتفاق العلماء،


(١) تقدّم تخريجه.
(٢) برقم: ٨٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>