للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركعة، فلما انصرف النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: أنا. قال: "زادك الله حِرصاً ولا تعُدْ"، وإِسناده حسن في المتابعات، وقد رواه ابن السكن في "صحيحه" نحوه، وفيه قوله: "انطلقتُ أسعى ... "، وأنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من الساعي ... "، ويشهد لهذه الرواية رواية الطحاوي من الطريق الأولى بلفظ: "جئت ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راكع، وقد حفزني النفس، فركعت دون الصف ... " الحديث وإِسناده صحيح، فإِنّ قوله: "حفَزَني النفَس، معناه: اشتدّ من الحفز وهو الحثّ والإِعجال وذلك كنايةً عن العدو. انظر "الصحيحة" تحت الحديث (٢٣٠).

وقال شيخنا في الاستدراكات: "ثمَّ وجدتُ ما يؤيدُ هذه الترجمة من قول راوي الحديث نفسه؛ أبي بكرة الثقفيّ -رضي الله عنه- كما يؤكّد أنَّ النّهي فيه: "لا تعُدْ" لا يعني الركوع دون الصفّ، والمشي إليه، ولا يشملُ الاعتداد بالركعةِ؛ فقد روى علي بن حجر في "حديثه" (١/ ١٧/١): حدّثنا إِسماعيل بن جعفر المدني: حدّثنا حميد، عن القاسم بن ربيعة، عن أبي بكرة -رجل كانت له صحبة- أنَّه كان يخرج من بيته فيجد الناس قد ركعوا، فيركع معهم، ثمَّ يدرج راكعاً حتّى يدخل في الصفّ، ثمَّ يعتدُّ بها.

قلت: وهذا إِسنادٌ صحيح، ورجاله كلُهم ثقات، وفيه حجّةٌ قويّة أنَّ المقصود بالنهي إِنّما هو الإِسراع في المشي، لأنَّ راوي الحديث أدرى بمرويّه من غيره، ولا سيّما إِذا كان هو المخاطب بالنهي، فخُذها؛ فإِنّها عزيزةٌ، قد لا تجدها في المطوّلات من كتب الحديث والتخريج، وبالله التوفيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>