للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجداً، وصوّروا فيه تلك الصُّور، أولئك شرار الخلق عند الله" (١).

قال شيخنا -حفظه الله-: "الذي يمكن أن يُفهَم من هذا الاتخاذ [أي: اتخاذ القبور مساجد]، إِنما هو ثلاث معان:

الأول: الصلاة على القبور، بمعنى السجود عليها.

الثاني: السجود إِليها واستقبالها بالصلاة والدعاء.

الثالث: بناء المساجد عليها، وقصْد الصلاة فيها" (٢).

ولا فرق فيما قلنا بين المقبرة فيها قبر أو أكثر.

قال شيخنا -حفظه الله- في "تمام المنّة" (ص ٢٩٨): قال: [أي: شيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى-] في "الاختيارات العلمية": "ولا تصحّ الصلاة في المقبرة ولا إِليها، والنهي عن ذلك إِنّما هو سدّ لذريعة الشرك، وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة، لأنه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنّما المقبرة ثلاثة قبور فصاعداً (٣)، وليس في كلام أحمد وعامّة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب، والمقبرة كل ما قُبر فيه، لا أنه جمْع قبر، وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة ممّا حول القبور لا يصلى فيه، فهذا يعين أنّ المنع يكون متناولاً لحرمة القبر المنفرد وفنائه


(١) أخرجه البخاري: ٤٣٤، ومسلم: ٥٢٨
(٢) انظر للمزيد والتفصيل "تحذير الساجد" (ص ٢١).
(٣) ويردّ على هذا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تصلوا إِلى قبر ولا تصلوا على قبر" أخرجه الطبراني في "الكبير" وغيره، وانظر "الصحيحة" (١٠١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>