للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها بعضاً، ويشدّ بعضها من عضد بعض أنّ: "من فاتته ركعة من ركعتي الجمعة فليضف إِليها أخرى وقد تمّت صلاته" (١). ولا بلَغه غير هذا الحديث من الأدلّة، وقائل يقول: لا تنعقد الجمعة إلاَّ بثلاثة مع الإِمام. وقائل يقول: بأربعة. وقائل يقول: بسبعة. وقائل يقول: بتسعة. وقائل يقول: باثني عشر. وقائل يقول: بعشرين. وقائل يقول: بثلاثين، وقائل يقول: لا تنعقد إلاَّ بأربعين. وقائل يقول: بخمسين. وقائل يقول: لا تنعقد إلاَّ بسبعين. وقائل يقول: فيما بين ذلك. وقائل يقول: بجمع كثيرٍ من غير تقييد. وقائل يقول: إِن الجمعة لا تصح إلاَّ في مصر جامع، وحده بعضهم بأن يكون الساكنون فيه كذا وكذا من آلاف، وآخر قال أن يكون فيه جامع وحمّام. وآخر قال: أنْ يكون فيه كذا وكذا، وآخر قال: إِنّها لا تجب إِلا مع الإِمام الأعظم. فإِنْ لم يوجد أو كان مختلّ العدالة بوجه من الوجوه لم تجب الجمعة ولم تشرع.

ونحو هذه الأقوال التي ليس عليها أثارة من عِلم، ولا يوجد في كتاب الله تعالى ولا في سُنّة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حرف واحد يدلّ على ما ادّعوه، من كون هذه الأمور المذكورة شروطاً لصحة الجمعة، أو فرضاً من فرائضها، أو ركناً من أركانها؛ فيالله العجب، ما يفعل الرأي بأهله، ومن يخرج من رؤوسهم من الخزعبلات الشبيهة بما يتحدّث الناس به في مجامعهم، وما يُخبرونه في أسمارهم من القصص والأحاديث الملفقة، وهي عن الشريعة المطهّرة بمعزل، والحكم بين العباد هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلم- كما قال سبحانه: {فإن تنازعتم في شيءٍ فردُّوه إلى الله


(١) تقدّم، وانظر "صحيح سنن النسائي" (٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>