للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد كان عرف العرب المستمر أنّ أحدهم إِذا أراد أن يقوم مقاماً ويقول مقالاً، شرع بالثناء على الله والصلاة على رسوله، وما أحسن هذا وأولاه! ولكن ليس هو المقصود، بل المقصود ما بعده.

والوعظ في خطبة الجمعة هو الذي إِليه يُساق الحديث، فإِذا فَعَله الخطيب فقد فَعل الفِعل المشروع، إِلا أنّه إِذا قدّم الثناء على الله، [والصلاة] على رسوله، أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتمّ وأحسن، وأمّا قصر الوجوب بل الشرطية على الحمد والصلاة، وجعْل الوعظ من الأمور المندوبة فقط، فمِن قلْب الكلام، وإِخراجِه عن الأسلوب الذي تقبّله الأعلام.

والحاصل: أن روح الخطبة هو الموعظة الحسنة، من قرآن أو غيره، وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتي في خطبته بالحمد لله تعالى (١)، وبالشهادتين، وبسورة كاملة، فعن أمّ هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: "ما أخذْتُ {ق والقرآن المجيد} إلاَّ عن لسان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ يقرؤها كلّ يوم جمعة على المنبر إِذا خطب الناس" (٢). والمقصود الموعظة بالقرآن، وإيراد ما يمكن من زواجره؛ وذلك لا يختصّ بسورةٍ كاملة.

فعن يعلى بن أميّة -رضي الله عنه- قال: "سمعت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ على


(١) قال شيخنا -حفظه الله- في التعليق: "المعروف أن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يذكر اسمه الشريف في الشهادة في الخطبة، وأما أنَه كان يأتي بالصلاة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمما لا أعرفه في حديث".
(٢) أخرجه مسلم: ٨٧٢، ٨٧٣. وتقدّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>