للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقل من ذلك. ولهذا كان جماهير الأئمة متّفقين على أنّه ليس قبل الجمعة سنّة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأنَّ ذلك إِنّما يثبت بقول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو فِعله. وهو لم يسنّ في ذلك شيئاً لا بقوله ولا فعله، وهذا مذهب مالك، ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه، وهو المشهور في مذهب أحمد.

وذهب طائفة من العلماء إِلى أنّ قبلها سنّة، فمنهم من جعلها ركعتين، كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي، وأحمد ومنهم من جعلها أربعاً، كما نقل عن أصحاب أبي حنيفة، وطائفة من أصحاب أحمد وقد نُقِل عن الإمام أحمد ما استدلّ به على ذلك، وهؤلاء منهم من يحتجّ بحديث ضعيف ... ثمَّ أجاب على ذلك ... " (١).

وقال ابن القيّم في "زاد المعاد" (١/ ٤٣٢): " ... فإِنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخرج من بيته، فإِذا رَقِي المنبر، أخذ بلال في أذان الجمعة، فإِذا أكمله، أخذ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأي عين، فمتى كانوا يُصلّون السُّنّة؟! ومن ظن أنهم كانوا إِذا فرغ بلال -رضي الله عنه- من الأذان، قاموا كلُّهم، فركعوا ركعتين، فهو أجهلُ الناس بالسنّة".

وأمّا بعدها فله أن يصلّي أربعاً أو اثنتين؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من كان منكم مصليّاً بعد الجمعة فليصلِّ


(١) "الفتاوى" (٢٤/ ١٨٨) ونقلَه السيد سابق في "فقه السنّة" (١/ ٣١٥ - ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>