للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، ولكن جاء التوبيخ والتقريع لمن لم يقدّم العون الواجب؛ لمن تكون حاجته ظاهرة وهو المسكين، كقوله تعالى: {ولا يحضُّ على طعام المسكين} (١). وكقوله تعالى: {ولا تحاضّون على طعام المسكين} (٢).

والخُلاصة؛ أنّ الفقير أسوأ حالاً من المسكين، وهذا نابع من تعفّفه وعدم سؤاله الناس، ولا يفطن الناس له في صدقاتهم؛ فيحتاج إِلى مثابرة في التعرّف على هذا النوع؛ لرفع الجهل المنبوذ الذي ذكره الله تعالى في كتابه: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف} (٣).

وهذا لا ينفي جواز الصدقة على المسكين كما في قوله تعالى: {إِنّما الصدقات للفقراء والمساكين} ولكن معرض الكلام في بيان أصناف المحتاجين وبيان الأولى في ذلك، لذلك قال ابن كثير: وإنما قدّم الفقراء هاهُنا على البقية لأنهم أحوج من غيرهم على المشهور ولشدّة حاجتهم.

ولهذا فهناك خصوص وعموم بين المسكين والفقير، فالفقير أعمّ والمسكين أخصّ، فكلّ مسكين فقير، وليس كلّ فقير مسكيناً، وهو كقولنا: كلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمناً، قال الله تعالى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلَمنا ولمّا يدخل الإِيمان في


(١) الحاقة: ٣٤.
(٢) الفجر: ١٨.
(٣) البقرة: ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>