للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحط على الخليفتين عثمان وعلي كدأب الخوارج، ويتبرأ منهما، ويقول: تيسروا رحمكم الله لجهاد هذه الأحزاب المتحزبة والظلمة، وللخروج من دار الفناء إلى دار البقاء، ولا تجزعوا من القتل في الله، فإن القتل أيسر من الموت، والموت نازل بكم، فلم ينشب أن أتاه كتاب شبيب بن يزيد من الكوفة، فقال: أما بعد، فإنك شيخ المسلمين، ولن نعدل بك أحدا، وقد دعوتني فاستجبت لك، وإن أردت تأخير ذلك أعلمتني، فإن الآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين، فيا له غبنا، ويا له فضلا متروكا، جعلنا الله وإياك ممن يريد بعمله الله ورضوانه. فرد عليه الجواب يحضه على المجيء، فجمع شبيب قومه، منهم أخوه مصاد، والمحلل بن وائل اليشكري، وإبراهيم بن حجر المحلمي، والفضل بن عامر الذهلي، وقدم على صالح وهو بدارا، فتصمدوا مائة وعشرة أنفس، ثم وثبوا على خيل لمحمد بن مروان فأخذوها، وقويت شوكتهم وأخافوا المسلمين.

وفيها غزا حسان بن النعمان الغساني إفريقية وقتل الكاهنة.

ولما خرج صالح بن مسرح بالجزيرة ندب لحربه عدي بن عدي بن عميرة الكندي، فقاتلهم، فهزم عديا، فندب لقتاله خالد بن جزء السلمي، والحارث العامري، فاقتتلوا أشد قتال، وانحاز صالح إلى العراق، فوجه الحجاج لحربه عسكرا، فاقتتلوا، ثم مات صالح بن مسرح مثخنا بالجراح في جمادى الآخرة، وعهد إلى شبيب بن يزيد، فالتقى شبيب هو وسورة بن الحر، فانهزم سورة بعد قتال شديد، ثم سار شبيب فلقي سعيد بن عمرو الكندي، فاقتتلوا، ثم انصرف شبيب فهجم الكوفة، وقتل بها أبا سليم مولى عنبسة بن أبي سفيان والد ليث بن أبي سليم، وقتل بها عدي بن عمرو، وأزهر بن عبد الله العامري، ثم خرج عن الكوفة فوجه الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي ابن عم المختار، في جيش كبير، فالتقوا بأسفل الفرات، فهزمهم وقتل زائدة، فوجه الحجاج لحربه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فلم يقاتله.

وكان مع شبيب امرأته غزالة، وكانت معروفة بالشجاعة، فدخلت مسجد الكوفة تلك المرة وقرأت وردها في المسجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>