للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره: لما جاء نعي معاوية خرج الحسين وابن الزبير إلى مكة، وأقام ابن الحنفية حتى سمع بدنو جيش مسرف أيام الحرة، فرحل إلى مكة، فقعد مع ابن عباس، فلما بايعوا ابن الزبير دعاهما ابن الزبير إلى بيعته، فأبيا حتى تجتمع له البلاد، فكاشرهما، ثم وقع بينهم شر، وغلظ الأمر حتى خافاه، ومعهما النساء والذرية، فأساء جوارهم وحصرهم، وأظهر شتم ابن الحنفية، وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة، وجعل عليهم الرقباء، وقال فيما قال: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فخافوا.

قال سليم أبو عامر: فرأيت ابن الحنفية محبوسا بزمزم، فقلت: لأدخلن عليه، فدخلت فقلت: ما لك وهذا الرجل؟ قال: دعاني إلى البيعة. فقلت: إنما أنا من المسلمين، فإذا اجتمعوا عليك، فأنا كأحدهم. فلم يرض بهذا، فاذهب، فأقرئ ابن عباس السلام وقل: ما ترى؟ فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت؟ قلت: من الأنصار. قال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا، فقلت: لا تخف، أنا ممن لك كله، وأخبرته، فقال: قل له: لا تطعه ولا نعمة عين إلا ما قلت، ولا تزده عليه، فأبلغته، فهم أن يقدم الكوفة؛ وبلغ ذلك المختار بن أبي عبيد، فثقل عليه قدومه.

قلت: وقد كان يدعو إليه قال: فقال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا، فيضربه رجل في السوق ضربة بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه. فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأقام، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه، فبعث أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة، فقدم عليهم وقال: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء، وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فجهز المختار بعثا إلى مكة، فانتدب معه أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وقال له: سر، فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا، وانفذ لما أمروك به، وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم، فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير، ثم لا تدع من آل الزبير شعرا ولا ظفرا. وقال: يا شرطة الله، لقد أكرمكم الله بهذا المسير، ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر.

فساروا حتى أشرفوا على مكة، فجاء المستغيث: أعجلوا، فما أراكم تدركونهم، فانتدب منهم ثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>