للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندي علمٌ، قال: ومن أنت؟ قلت: أعيذك، لا تسأل عن ذلك، فعرف أنّي ممّن يختفي، فدعا بكتابٍ وقال: اكتب نسخةً، قلت: لست تحتاج إلى ذلك، فجعلت أملّ عليه، وهو ينظر، حتى فرغ من كتاب الفتح، قال: فحملني على بغلةٍ، وبعث إليّ بسرقٍ من حرير، وكنت عنده في أحسن منزلةٍ، فإنّي ليلةً أتعشّى معه، إذا أنا برسول الحجّاج بكتابٍ فيه: إذا نظرت في كتابي هذا، فإنّ صاحب كتابك الشّعبيّ، فإن فاتك قطعت يدك على رجلك وعزلتك، قال: فالتفت إليّ وقال: ما عرفتك قبل السّاعة، فاذهب حيث شئت من الأرض، فوالله لأحلفنّ له بكلّ ممكن يمين، فقلت: أيّها الأمير، إنّ مثلي لا يخفى، قال: فأنت أعلم، وبعثني إليه وقال: إذا وصلتم إلى خضراء واسط فقيّدوه، ثم أدخلوه على الحجّاج، فلما دنوت من واسط استقبلني يزيد بن أبي مسلم، فقال: يا أبا عمرو، إنّي لأضنّ بك على القتل، إذا دخلت فقل: كذا وكذا، فلما أدخلت قال: لا مرحباً ولا أهلاً، فعلت بك وفعلت، ثم خرجت عليّ! وأنا ساكت، فقال: تكلّم، قلت: أصلح الله الأمير، كلّ ما قلته حقّ، ولكنّا قد اكتحلنا بعدك السّهر وتحلّسنا الخوف، ولم نكن مع ذلك بررةً أتقياء، ولا فجرةً أقوياء، وهذا أوان حقنت لي دمي، واستقبلت بي التّوبة، قال: قد فعلت ذلك.

وقال الأصمعيّ: لما أدخل الشّعبيّ على الحجّاج قال: هيه يا شعبيّ، فقال: أحزن بنا المنزل واكتحلنا السّهر، واستحلسنا الخوف، فلم نكن فيما فعلنا بررةً أتقياء، ولا فجرةً أقوياء، قال: لله درّك.

وقال جهم بن واقد: رأيت الشّعبيّ يقضي في أيام عمر بن عبد العزيز.

مالك بن مغول، عن الشّعبيّ قال: ما بكيت من زمانٍ إلا بكيت عليه.

مجالد عن الشّعبيّ، أنّ رجلاً لقيه وامرأة، فقال: أيّكما الشّعبيّ؟ فقلت: هذه.

وقيل: كان الشّعبيّ ضئيلاً نحيفاً، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرّحم، وكان توأماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>