للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام، فلا يتكلم أحد معه، فأردت أن أسأله عنه حتى قال قائل له: يا أبا واثلة، فعرفت أنه إياس.

وقال حبيب بن الشهيد: سمعت إياساً يقول: لست بخب ولا يخدعني الخب، ولا يخدع محمد بن سيرين، ولكنه يخدع أبي ويخدع الحسن ويخدع عمر بن عبد العزيز.

قال حبيب: وأتى رجل إياساً يشاوره في خصومة، فقال: إن أردت القضاء فعليك بعبد الملك بن يعلى فهو القاضي، وإن أردت الفتيا فعليك بالحسن فهو معلمي، وإن أردت الصلح فعليك بحميد الطويل وتدري ما يقول لك، يقول لك: دع شيئاً من حقك، وإن أردت الخصومة فعليك بصالح السدوسي، وتدري ما يقول لك؟ يقول: اجحد ما عليك واستشهد الغيب - يعني: المسافرين - إلى أن يقدموا.

قال المدائني: كان إياس قاضياً قائفاً مزدكناً استقضاه عمر بن عبد العزيز، ثم هرب.

وقال جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال: ولى عدي بن أرطاة الأمير إياساً قضاء البصرة فأبى، وقال: بكر بن عبد الله المزني خير مني.

وقال سهل بن يوسف: قال لي إياس: إن هذا قد بعث إلي، فانطلقت معه فدخل على عدي بن أرطاة، ثم خرج ومعه حرسي فقال: أبى أن يعفيني فصلى ركعتين، ثم قال للحرسي: قدم يعني خصماً، قال: فما قام حتى قضى سبعين قضية، ثم خرج إياس من البصرة في قضية كانت، فاستعمل عدي على القضاء الحسن البصري.

وقال حميد الطويل: لما ولي إياس دخل عليه الحسن وإياس يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فذكر حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة، واثنان في النار، فقال الحسن: إن فيما قص الله عليك من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس وقرأ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فحمد الله سليمان ولم يذم داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>