للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلاف دينار، وكان يؤدب ولده ويجالسه.

قال الواقدي: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: سمعت الزهري يقول: نشأت وأنا غلام لا مال لي منقطع من الديوان، وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير العدوي، وكان عالماً بنسب قومي، وكان ابن أختهم وحليفهم، فأتاه رجل فسأله عن مسألة في الطلاق، فأشار له إلى سعيد بن المسيب. فقلت في نفسي: ألا أراني مع هذا الرجل المسن يعقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ولا يدري ما هذا؟ فانطلقت مع السائل إلى سعيد وتركت ابن ثعلبة، وجالست عروة وعبيد الله وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث حتى فقهت، فرحلت إلى الشام فدخلت مسجد دمشق في السحر، فأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة، فجلست فيها، فنسبني القوم فقلت: رجل من قريش، قالوا: هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد؟ فأخبرتهم بقول عمر، فقال لي القوم: هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب، وهو جائيك، وقد سأله عبد الملك وسألناه فلم يجد عندنا في ذلك علماً. وجاء قبيصة وأخبروه الخبر فنسبني، فانتسبت، وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه فأخبرته، فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين. فصلى الصبح، ثم انصرف فتبعته، فدخل على عبد الملك، وجلست على الباب ساعة حتى ارتفعت الشمس، ثم خرج الآذن فقال: أين هذا المدني القرشي؟ قلت: ها أنا ذا، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه، وأمر به فرفع وليس عنده غير قبيصة، فسلمت بالخلافة، فقال: من أنت؟ قلت: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، فقال: أوه! قوم نعارون في الفتن، قال: وكان أبي مع ابن الزبير، ثم قال: ما عندك في أمهات الأولاد؟ فأخبرته وقلت: حدثني سعيد بن المسيب، فقال: كيف سعيد وكيف حاله؟ قال: والتفت إلى قبيصة فقال: هذا يكتب به إلى الآفاق. فقلت: لا أجده أخلى من هذه الساعة ولعلي لا أدخل عليه بعدها، فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي وأن يفرض لي فإني رجل منقطع لا ديوان لي. قال: إيها، الآن امض لشأنك، فخرجت موئساً من كل شيء خرجت له، وأنا يومئذ والله مقل مرمل، فجلست حتى خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي، فقال: ما حملك على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>