للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقتصد، فذكر لها من أصناف الطعام، فإذا هو قوت سبعين رجلا فاتخذته، ثم أحضرت ميسرة، فأكله عن آخره.

وكان ميسرة يزوق السقوف، فدعاه رجل يزوق له وهو لا يعرفه، وكان الرجل قد دعا ثلاثين إنسانا إلى الموضع، وصنع لهم طعاما كثيرا، فلما فرغ الطباخ خرج لحاجة، ونظر ميسرة إلى الموضع قد خلا، فنزل فأكل ذلك الطعام كله، وعاد إلى عمله. فجاء الطباخ وليس في المطبخ إلا العظام، فأعلم صاحب المنزل، وقد حضر القوم، فحار الرجل في أمره، ولم يدر من أين أتي، وأنكره القوم، فسألوه عن حاله، فصدقهم، فنهضوا جميعا حتى دخلوا المطبخ، وعاينوا الحال، فكثر تعجبهم حتى قال بعضهم: هذا من فعل الجن. فلمح رجل منهم ميسرة، وكان يعرفه، فصاح: قد عرفت والله الخبر، هذا ميسرة عندك، وهو أكل طعامك، قال: فاستنزله من الموضع، فقال: أنا أكلته، ولو كان لي مثله لأكلته فجربوا إن شتم، فانصرف القوم إلى منازلهم، وطلع إلى عمله.

رواها أبو محمد بن زبر القاضي، عن الحسن بن عليل القاضي، عن مسعود بن بشر، عن الأصمعي.

فميسرة هذا كان يأكل بالحال، ألا تراه ذكر أن عادته أكل رغيفين كآحاد الناس، وأنه أكل ما يكفي سبعين رجلا، ونحو ذلك عندما يجمع همته، وقد رأيت أنا من يأكل إذا أراد بالحال، وهذا الحال ليس من كرامات الأولياء، فإن الأولياء أكلهم قليل، والمؤمن يأكل في معا واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.

وأيضا فالولي يأكل قوت يوم في أسبوع، يتقوت به، ويبارك له في طعامه، وفي قواه، لا أنه يأكل نصف قنطار من الطعام في جلسة، ولعل من يفعل هذا لا يسمي الله، ويقبل بنفس حادة محرقة للأكل، وقد تعينه الشياطين في أكل ذلك فيفرغ، وتطير بركته، ويظن هو ومن حضره أن هذا الفعل من كرامات المتقين، وإنما كرامات السادة أن يحضر أحدهم ما يكفي واحدا، فيقوت به الجمع الكبير، ويشبعون ببركة دعائه.

٣٠٠ - ناصح بن العلاء، مولى بني هاشم، أبو العلاء البصري.

عن: عمار بن أبي عمار، عن عبد الرحمن بن سمرة في ترك الجمعة

<<  <  ج: ص:  >  >>