للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال علي بن خشرم: حدثني سلمة بن سليمان قال: جاء رجل إلى ابن المبارك فسأله أن يقضي عنه دينا، فكتب إلى وكيله؛ فلما ورد عليه الكتاب قال الوكيل للرجل: كم دينك الذي سألت؟ قال: سبع مائة درهم، قال: فكتب إلى ابن المبارك: إن هذا سألك وفاء سبع مائة درهم، وقد كتبت إلي بسبعة آلاف درهم، وقد فنيت الغلات. فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات فنيت فإن العمر أيضا قد فني، فأجر له ما سبق به قلمي.

وروى مثلها أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن محمد بن روح قال: سمعت المسيب بن وضاح قال: كنت عند ابن المبارك، فكلموه في رجل عليه سبع مائة درهم، فذكر الحكاية، وفيها أن كاتبه لما راجعه في ذلك أضعف السبعة آلاف.

وفي حكاية أخرى أن ابن المبارك قضى عن شاب عشرة آلاف درهم.

قال الفتح بن شخرف: حدثنا عباس بن يزيد، قال: حدثنا حبان بن موسى قال: عوتب ابن المبارك فيما يفرق من الأموال في البلدان، ولا يفعل في مرو؛ فقال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطلب، يحتاج الناس إليهم، احتاجوا، فإن تركتهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بثوا العلم، ولا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.

إبراهيم بن بشار الخراساني: سمعت علي بن الفضيل يقول: سمعت أبي يقول لابن المبارك: تأمرنا بالزهد والتقلل، ونراك تأتي بالبضائع إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ قال: إنما أفعل ذلك لأصون به وجهي، وأكرم به عرضي، وأستعين به على الطاعة، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه، فقال له أبي: ما أحسن ذا إن تم.

وقال نعيم بن حماد: كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

قال عبيد بن جناد: قال لي عطاء بن مسلم: رأيت ابن المبارك؟ قلت: نعم! قال: ما رأيت، ولا ترى مثله.

وقال عبيد بن جناد: سمعت العمري يقول: ما في دهرنا من يصلح لهذا الأمر إلا ابن المبارك.

<<  <  ج: ص:  >  >>