للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزك طاهر، فكانت بينهم وقعة شديدة، فانهزم محمد القائد.

ووجه الأمين على الكوفة الفضل بن موسى بن عيسى الهاشمي، وولاه عليها، فالتقاه محمد بن العلاء بعض قواد طاهر فاقتتلوا وانهزم أصحاب الفضل وهم في أقفيتهم قتلا وأسرا، فأسروا إسماعيل بن محمد القرشي، وجمهور البخاري.

وبقي أمر الأمين كل يوم في إدبار، والناس معذورون في خلعه، لكونه نكث وخلع أخويه المأمون والمؤتمن، وأقام بدلهما ابنه طفلا رضيعا، مع ما هو فيه من الانهماك على اللعب والجهل.

وأما داود بن عيسى الهاشمي فإنه كان على الحرمين، فأسرع في خلع الأمين تدينا، وبايعه للمأمون وجوه أهل الحرمين، فاستخلف عليهما ولده سليمان، وسار في وجوه من أقاربه يريد المأمون بمرو، فلما قدم عليه تيمن المأمون ببركة مكة والمدينة، إذ كانوا أول من بايعه بعد خراسان.

ووصل داود بخمسمائة ألف درهم، ثم رجع مسرعا ليقيم موسم الحج، ومعه ابن أخيه العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي، فمرا بالعراق على طاهر، فبالغ في إكرامهما، ووجه معهما زيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري، وقد عقد له طاهر على ولاية اليمن، وأقام الموسم العباس بن موسى المذكور، وأحسن زيد السيرة باليمن.

وفي شعبان عقد الأمين لعلي بن محمد بن عيسى بن نهيك الإمرة على نحو أربعمائة قائد، وأمره بالمسير إلى هرثمة، فساروا فالتقوا بجلولاء في رمضان، فهزمهم هرثمة، وأسر أمير الجيش علي بن محمد، وبعث به إلى المأمون، وزحف هرثمة فنزل النهروان.

وأقام طاهر بنهر صرصر، فكان لا يأتيه جيش من جهة الأمين إلا هزمه، وأخذ الأمين يدس الجواسيس إلى قواد طاهر يعدهم ويمنيهم، فشغبوا على طاهر، واستأمن خلق إلى الأمين فأسنى عطاياهم، ثم كروا إلى صرصر لحرب طاهر. فالتقوا، ودام القتال، ثم انهزم جيش بغداد، وانتهب أصحاب طاهر أثقالهم وأموالهم، فبلغ الأمين الخبر، فأخرج خزائنه وذخائره، وفرق الصلات، وجمع أهل الأرباض، واعترض الناس على عينه، فكان لا يرى أحدا،

<<  <  ج: ص:  >  >>