للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبيد الله بن الوضاح الشماسية، ونزل طاهر بن الحسين البستان الذي بباب الأنبار، فضاق الأمين ذرعا، وتفرق ما كان في يده من الأموال العظيمة، فأمر ببيع ما في الخزائن من الأمتعة، وضرب آنية الذهب والفضة دنانير ودراهم لينفقها، ثم أمر برمي الحربية بالنفط والمجانيق، وهلك جماعة، وكثر الخراب والهدم حتى درست محاسن بغداد، وعملت فيها المراثي.

ولم يزل طاهر مصابرا للأمين وجنده، حتى مل أهل بغداد قتاله، فاستأمن إلى طاهر الموكلون للأمين بقصر صالح، وسلموا إليه القصر بجميع ما فيه في جمادى الآخرة في منتصفه، ثم استأمن إلى طاهر صاحب شرطة الأمين محمد بن عيسى، فضعف ركن الأمين واستسلم. وقتل داخل قصر صالح: أبو العباس يوسف بن يعقوب الباذغيسي، وجماعة من القواد، وقتل خلق من أصحاب طاهر، ثم لحق بطاهر عبد الله بن حميد الطائي، وإخوته، وابن الحسن بن قحطبة، ويحيى بن علي بن ماهان، ومحمد بن أبي العباس الطائي، وكاتبه قوم في السر من العباسيين.

ولما كانت وقعة يوم قصر صالح أقبل محمد على اللهو والشرب، ووكل الأمر إلى محمد بن عيسى بن نهيك وإلى الهرش، فأقبل أصحاب الهرش يؤذون الرعية وينهبونهم، فلجأ خلق ونزحوا إلى طاهر، فرأوا من أصحابه الأمن والخير، وبقي الناس في بغداد بأسوأ حال، وطال الأمر.

ولبعضهم:

بكيت دما على بغداد لما فقدت غضارة العيش الأنيق أصابتها من الحساد عين فأفنت أهلها بالمنجنيق

وهي طويلة.

وبقي يقاتل عن الأمين غوغاء بغداد والعيارون والحرافشة، فأنكوا في أصحاب طاهر، وكانوا يقاتلون بلا سلاح، فقال بعض الشعراء:

خرجت هذه الحروب رجالا لا لقحطانها ولا لنزار معشرا في جواشن الصوف يغدو ن إلى الحرب كالأسود الضواري وعليهم مغافر الخوص تجزيـ ـهم عن البيض والتراس البواري ليس يدرون ما الفرار إذا الأبـ ـطال عاذوا من القنا بالفرار

<<  <  ج: ص:  >  >>