للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناحية من الجند وغيرهم الرياسة، وأقبل يهدي إلى هرثمة بن أعين أمير القيروان يومئذ ويلاطفه، ويعلمه أنني على الطاعة، وأنني ما دعاني إلا الحاجة ومطل الديون لي، فاستعمله هرثمة على ناحية الزاب، فكفاه أمرها وضبطها.

وقدم على المغرب محمد بن مقاتل العكي، فأساء إلى الناس وظلم، فقاموا عليه فنجده ابن الأغلب، وأعاده إلى القيروان بعد أن طردوه منها، ثم كاتبوا الرشيد يستقيلونه من ابن مقاتل، فاستعمل عليهم ابن الأغلب لما رأى من نهضته وحسن طاعته، وانقياد أهل القيروان له.

وكان فقيها، دينا، خطيبا، شاعرا، ذا رأي، وحزم، وبأس، ونجدة، وسيادة، وحسن سيرة، قل أن ولي إفريقية أحد مثله في العدل والسياسة، وقد طلب العلم، وأخذ عن الليث بن سعد وغيره، وكان الليث يكرمه، وأعطاه جارية حسناء هي أم ابنه زيادة الله، وكان له بمصر أخ اسمه عبد الله، محتشم نبيل، وانتقل أولاده إلى عند عمهم إبراهيم.

وكان مما رفع منزلة إبراهيم بن الأغلب عند الرشيد ظفره بإدريس بن عبد الله بن حسن الحسني نزيل المغرب، فقتله.

وأشار هرثمة بن أعين على الرشيد أيضا بتوليته، وبالغ في وصفه، فولاه في أثناء سنة أربع وثمانين ومائة.

ورد محمد العكي إلى المشرق، وانقمع الشر بالمغرب، وحسن حال إفريقية به، وبنى مدينة سماها العباسية، وكان يتولى الصلاة بنفسه في جامع القيروان.

وكان عالما عاملا بعلمه، عثر يوما في حصيرة المسجد، فدخل وقال لرؤساء الدولة: استنكهوني، ففعلوا فقال: إني خشيت أن يقع لأحدكم أني سكران.

وخرج عليه بتونس حمديس بن عبد الرحمن الكندي، فحاربه وظفر به، وقتل عشرة آلاف من عسكر حمديس في سنة ست وثمانين، وبعث برأس حمديس إلى الرشيد.

وكان قائد جيوشه عمران بن مخلد، وكان نازلا عنده في قصره، ثم خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>