للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليلا وضرب بذقنه على صدره، ثم رفع رأسه وقال: ما حيلتي إن أردت أمرا وأراد الله أمرا؟!

قال أبو الفضل صالح: وكان رسول المتوكل يأتي أبي يبلغه السلام، ويسأله عن حاله، فتأخذه نفضة حتى ندثره، ثم يقول: والله، لو أن نفسي في يدي لأرسلتها. وجاء رسول المتوكل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من الناس سلمت. رفع رجل إلي أن علويا قدم من خراسان، وأنك وجهت إليه من يلقاه، وقد حبست الرجل وأردت ضربه فكرهت أن تغتم فمر فيه. قال: هذا باطل، يخلى سبيله.

ثم ذكر قصة في قدوم المتوكل بغداد، وإشارته على صالح بأن لا يذهب إليهم، ثم في مجيء يحيى بن خاقان من عند المتوكل، وما كان من احترامه ومجيئه بألف دينار ليفرقها، وقوله: قد أعفاني أمير المؤمنين من كل ما أكره. وفي توجيه محمد بن عبد الله بن طاهر ليحضره وامتناعه من حضوره وقوله: أنا رجل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره. وهذا مما أكره. قال: وكان قد أدمن الصوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدسم. وكان قبل ذلك يُشترى له الشحم بدرهم، فيأكل منه شهرا، فترك أكل الشحم وأدمن الصوم والعمل، فتوهمت أنه قد كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك.

وقال الخلال أبو بكر: حدثني محمد بن الحسين أن أبا بكر المروذي حدثهم قال: كان أبو عبد الله بالعسكر يقول: انظر هل تجد لي ماء الباقلاء، فكنت ربما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح. ومنذ دخلنا العسكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبيخا ولا دسما.

وعن المروذي قال: أنبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل، فإذا هو قاعد فقال: هو ذا يدار بي من الجوع، فأطعمني شيئا، فجئته بأقل من رغيف، فأكله وقال: لولا أني أخاف العون على نفسي ما أكلت. وكان يقوم من فراشه إلى المخرج، فيقعد يستريح من الضعف من الجوع حتى إن كنت لأبل الخرقة فيلقها على وجهه لترجع إليه نفسه، حتى أوصى من الضعف من غير مرض، فسمعته يقول عند وصيته ونحن بالعسكر، وأشهد على وصيته: هذا ما أوصى به أحمد بن محمد، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا

<<  <  ج: ص:  >  >>