للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموفَّق فأمر بلعنة ابن طولون على المنابر.

وفيها سار ابن طولون إلى المصِّيصة. وبها يازمان الخادم، فتحصّن ونزل ابن طولون بالمرج والبرد شديد. فشق عليه يازمان نهر طرسوس، فغرق المرج وهلك غالب عسكر ابن طولون، فرحل وهو خائف، وخرج أهل طرسوس، فنهبوا بقايا عسكره، ومرض في طريقه مرضته التي مات فيها مغبونًا. وولّى الموفّق إسحاق بن كنداج المغرب كله والعراق كلّه، وما كان بيد أحمد بن طولون.

وفيها عبر الموفّق إلى الخبيث وأحرق قطعة من البلد، وجرح ابن الخبيث وكاد يتلف.

وفي شوّال كانت بين الموفَّق والخبيث وقعةٌ عظيمة. ولمّا رأى الخبيث أنّ الميرة قد انقطعت عنه وصعب أمره، وقلّ عنده الشّيء، حتى كان أحدهم إذا وقع بامرأة أو صبي ذبحه وأكله. وكان الخبيث لا يعاقب من يفعل ذلك لكن يحبسه. ثمّ إنّ الموفَّق أحرق عامّة البلد وقصر الإمارة، وخافت الزَّنج، فقاتلوا قتالًا شديدًا، ثمّ انهزموا، وعبر الخبيث إلى الجانب الشّرقيّ من نهر أبي الخصيب، واستأمن إلى الموفَّق جماعة من القوّاد أصحاب الخبيث وخاصّته، وفتحوا سجنًا كبيرًا كان للخبيث فيه خلق من عساكر المسلمين وأصحاب الموفَّق، فأطلقوهم.

وفي ذي القعدة دخل المعتمد إلى واسط.

وفيه سارت السُّفن والسّماريات وجيوش الموفَّق على ترتيب لم ير مثله كثرةً وأُهْبةً، فلمّا رأى الخبيث ذلك بهره وزال عقله. وزحف الجيش نحو الخبيث، فالتقاهم في جيشه، والتحم القتال، وحمل الموفَّق وابنه والخواصّ، فهزموا الزَّنج، وقتلوا منهم مقتلةً هائلة، وأسروا خلقًا، فضربت أعناقهم. وقصد الموفَّق دار الخبيث، وقد التجأ إليها، وانتخب أنجاد أصحابه ليدافعوا عنها، فلمّا لم يغنوا عنه شيئًا أسلمها، وتفرق عنه أصحابه، ونهبت داره وحرمه وأولاده، فهرب الخبيث نحو دار المهلّبيّ قائده. وأتي بحريمه وذرِّيتّه فكان عددهم أكثر من مائة، فأمر الموفَّق بحملهم إلى الموفَّقيّة وأحسن إليهم، وأمر بإحراق دار الخبيث. وكان عنده نساء علويّات وحرائر قد استباحهنّ، وجاءه منهنّ أولاد. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>