للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوفي فنحن المناظرون دونك. وكان في عزمه أن يزوي الأمر عن المكتفي، لكن رأى ميلهم إلى المكتفي، فأخذ له البيعة بعد العصر من يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر. وأحضر أحمد بن محمد بن بسطام أولاد الخلفاء: عبد الله بن المعتز، وقصي ابن المؤيد، وعبد العزيز ابن المعتمد، وعبد الله ابن الموفق أبي أحمد، فأخذ عليهم البيعة للمكتفي.

وتوفي المعتضد ليلة الإثنين لثمان بقين من الشهر. وكان المكتفي بالرقة، فكتب إليه القاسم بالخلافة، وأن في بيوت الأموال عشرة آلاف ألف دينار، ومن الدراهم أضعافها، ومن الجواهر ما قيمته كذلك، ومن الثياب والخيل، وذكر أشياء كثيرة.

وقيل: إن الجند تحركوا ببغداد عند موت المعتضد، ففرق القاسم فيهم العطاء، فسكنوا.

ووافى المكتفي بغداد في سابع جمادى الأولى، ومر بدجلة في سمارية، وكان يوماً عظيماً. وسقط أبو عمر القاضي من الزحمة من الجسر، وأخرج سالماً. ونزل المكتفي بقصر الخلافة، وتكلمت الشعراء، وخلع على القاسم بن عبيد الله سبع خلع، وقلده سيفاً. وهدم المطامير التي اتخذها أبوه، وصيرها مساجد. وأمر برد البساتين والحوانيت التي أخذها أبوه من الناس ليعملها قصراً. وفرق أموالاً جزيلة. وسار سيرة جميلة، فأحبه الناس ودعوا له.

ومات في السجن عمرو بن الليث الصفار في اليوم الذي دخل فيه المكتفي بغداد. فقيل: إن القاسم الوزير قتله سراً، خوفاً من إخراجه، فإنه كان محسناً إلى المكتفي أيام مقامه بالري.

وفي رجب ورد الخبر إلى بغداد أن أهل الري كتبوا إلى الأمير محمد بن هارون الذي كان إسماعيل بن أحمد متولي خراسان بعثه لقتال العلوي وولاه طبرستان، فخلع محمد بن هارون الطاعة، ولبس البياض، وسار إلى الري، وكان واليها أوكرتمش قد غشم وظلم، فالتقيا، فهزمه محمد وقتله، وقتل ولديه وقواده، واستولى على الري.

وفي رجب زلزلت بغداد زلزلة عظيمة دامت أياماً.

وفيها خلع على أحمد بن محمد بن بسطام، وأمر على آمد، وديار ربيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>