للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلت لصوصاً قد قتلوا، وأوهمت أنهم هم.

وقال البيهقي، عن الحاكم، عن أبي الوليد حسان بن محمد الفقيه، عن ابن سريج، عن إسماعيل القاضي قال: دخلت على المعتضد، وعلى رأسه أحداث صباح الوجوه روم، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد أتأملهم، فلما أردت القيام أشار إلي ثم قال: أيها القاضي، والله ما حللت سراويلي على حرام قط. ودخلت مرة، فدفع إلي كتاباً، فنظرت فيه، فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء، فقلت: مصنف هذا زنذيق. فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: بلى، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة. ومن أباح المتعة لم يبح الغناء. وما من عالم إلا له زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه. فأمر بالكتاب فأحرق.

وقال أبو علي المحسن التنوخي عن أبيه: بلغني عن المعتضد أنه كان جالساً في بيت يبنى له، فرأى في جملتهم أسود منكر الخلقة يصعد على السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحملونه، فأنكر أمره، فأحضره وسأله عن سبب ذلك، فتلجلج. وكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه؟ قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلاً. ثم أمر به فضرب مائة، وتهدده بالقتل ودعا بالنطع والسيف، فقال: لي الأمان؟ قال: نعم. فقال: أنا أعمل في أتون الآجر، فأتى علي منذ شهور رجل في وسطه هميان، فتبعته. فجلس بين الآجر ولا يعلم بي، فحل هميانه وأخرج دنانير، فوثبت عليه وسددت فاه، وكتفته وألقيته في الأتون، والدنانير معي يقوى بها قلبي، فاستحضرها فإذا على الهميان اسم صاحبه، فأمر فنودي في البلد، فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي، ولي منه طفل. فسلم الذهب إليها، وهو ألف دينار، وضرب عنق الأسود.

قال: وبلغني عن المعتضد أنه قام في الليل فرأى بعض الغلمان المردان قد وثب على غلام أمرد، ثم دب على أربعة حتى اندس بين الغلمان فجاء المعتضد فوضع يده على فؤاد واحد واحد حتى وضع يده على ذلك الفاعل، فإذا به يخفق، فوكزه برجله فجلس، فقتله.

<<  <  ج: ص:  >  >>