للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عقيل: عجبي كيف لم يقتل وقد صنف الدامغ؛ يدمغ به القرآن، والزمردة يزري فيه على النبوات؟.

قال ابن الجوزي: نظرت في الزمردة فرأيت له فيه من الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهة، يقول فيه: إن كلام أكثم بن صيفي فيه شيء أحسن من سورة الكوثر. وإن الأنبياء وقعوا بطلسمات، وقد وضع كتابًا لليهود والنصارى يحتج لهم في إبطال نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو علي الجبائي: كان السلطان قد طلب أبا عيسى الوراق، وابن الريوندي؛ فأما الوراق فحبس حتى مات، وهرب ابن الريوندي إلى ابن لاوي اليهودي، ووضع له كتاب الدامغ، يطعن به على القرآن، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم لم يلبث إلا أيامًا حتى مرض ومات إلى اللعنة. وعاش أكثر من ثمانين سنة.

وقال ابن عقيل: عاش ستًا وثلاثين سنة.

قلت: وقد سرد ابن الجوزي من زندقته أكثر من ثلاث ورقاتٍ، صنت هذا الكتاب عنها، ثم رأيت ترجمته في ابن النجار، فقال: أبو الحسين بن الراوندي المتكلم من أهل مرو الروذ سكن بغداد، وكان من متكلمي المعتزلة، ثم فارقهم وتزندق.

وقيل: كان أبوه يهوديًا، فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول لبعض المسلمين: لا يفسد هذا عليكم كتابكم، كما أفسد أبوه علينا التوراة.

وذكر أحمد بن أبي أحمد القاص الطبري أن ابن الراوندي كان لا يستقر على مذهب، ولا يثبت على انتحال، حتى صنف لليهود كتاب النصرة على المسلمين لأربعمائة درهم فيما بلغني، أخذها من يهود سامراء، فلما أخذ المال رام نقضها، حتى أعطوه مائتي درهم، فسكت.

قال البلخي في محاسن خراسان: أحمد بن يحيى الريوندي المتكلم، لم يكن في زمانه من نظرائه أحذق منه في الكلام، ولا أعرف بدقيقه وجليله منه، وكان أول أمره حسن السيرة، جميل المذهب، كثير الحياء، ثم انسلخ من ذلك كله لأسباب عرضت له؛ ولأن علمه كان أكبر

<<  <  ج: ص:  >  >>