للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيطانه، فأرسل إلى قيس، فقال: ما يقول الملك؟ قال: يقول: عمدت إلى قيس فأكرمته، حتى إذا دخل منك كل مدخل مال ميل عدوك. فحلف له وتنصل، فقال: أتكذب الملك؟ قد صدق وعرفت أنك تائب. قال: فأتانا قيس وأخبرنا، فقلنا: كن على حذر.

وأرسل إلينا الأسود: ألم أشرفكم على قومكم؟ ألم يبلغني عنكم؟ فقلنا: أقلنا مرتنا هذه! فقال: فلا يبلغني عنكم فأقتلكم. فنجونا ولم نكد. وهو في ارتياب من أمرنا.

قال: فكاتبنا عامر بن شهر وذو الكلاع وذو ظليم، فأمرناهم أن لا يتحركوا بشيء. قال: فدخلت على امرأته آزاد فقلت: يا ابنة عم، قد عرفت بلاء هذا الرجل، وقتل زوجك وقومك وفضح النساء، فهل من ممالأة عليه؟ قالت: ما خلق الله أبغض إلي منه، ما يقوم لله على حق ولا ينتهي عن حرمة! فخرجت فإذا فيروز وزادوية ينتظراني، وجاء قيس ونحن نريد أن نناهضه، فقال له رجل قبل أن يجلس: الملك يدعوك. فدخل في عشرة فلم يقدر على قتله، وقال: أنا عبهلة أمني تتحصن بالرجال؟ ألم أخبرك الحق وتخبرني الكذب؟ تريد قتلي؟ فقال: كيف وأنت رسول الله، فمرني بما أحببت!

فأما الخوف والفزع فأنا فيهما، فاقتلني وأرحني. فرق له وأخرجه، فخرج علينا وقال: اعملوا عملكم.

وخرج علينا الأسود في جمع، فقمنا له، وبالباب مائة بقرة وبعير فنحرها، ثم قال: أحق ما بلغني عنك يا فيروز؟ لقد هممت بقتلك. فقال: اخترتنا لصهرك، وفضلتنا على الأبناء، وقد جمع لنا أمر آخرة ودنيا، فلا تقبلن علينا أمثال ما يبلغك! فقال: اقسم هذه.

فجعلت آمر للرهط بالجزور، ولأهل البيت بالبقرة. ثم اجتمع بالمرأة، فقالت: هو متحرز، والحرس محيطون بالقصر سوى هذا الباب فانقبوا عليه! وهيأت لنا سراجا.

وخرجت، فتلقاني الأسود خارجا من القصر، فقال: ما أدخلك؟ ووجأ رأسي فسقطت، فصاحت المرأة وقالت: ابن عمي زارني. فقال: اسكتي لا أبا لك فقد وهبته لك! فأتيت أصحابي وقلت: النجاء! وأخبرتهم الخبر.

فأنا على ذلك إذ جاءني رسولها: لا تدعن ما فارقتك عليه. فقلنا لفيروز: ائتها وأتقن أمرنا، وجئنا بالليل ودخلنا، فإذا سراج تحت جفنة، فاتقينا بفيروز. وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>