للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه، وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله، وذلك أني تتبّعت القراءات صحيحها وشاذّها، وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها. وذلك إما:

" ١ - في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصورة، نحو: (البخل) بأربعة و (يحب) بوجهين.

" ٢ - بتغيّر في المعنى فقط نحو: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) وإمة.

" ٣ - في الحروف بتغيّر المعنى لا الصورة نحو: (تبلوا، وتتلوا. وننحّيك ببدنك لتكون لمن خلفك- وننجّيك ببدنك).

" ٤ - عكس ذلك نحو: (بصطة وبسطة، والصراط والسراط).

" ٥ - بتغيرهما- أي: المعنى والصورة- نحو: (أشدّ منكم ومنهم. ويأتل ويتأل. و: فامضوا إلى ذكر الله).

" ٦ - في التقديم والتأخير نحو: (فيقتلون ويقتلون) (وجاءت سكرة الحق بالموت).

" ٧ - في الزيادة والنقصان نحو: (وأوصى- ووصى. والذكر والأنثى).

فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها، وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام، والروم والإشمام، والتفخيم والترقيق، والمد والقصر، والإمالة والفتح، والتحقيق والتسهيل، والإبدال والنقل مما يعبّر عنه بالأصول فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى، لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا، ولئن فرض فيكون من الأول. ثم رأيت الإمام الرازي حاول ما ذكرته ... ثم وقفت على كلام ابن قتيبة «١» وقد حاول ما حاولنا بنحو آخر. ثم لخّص كلامهما واستدرك على ابن قتيبة.

[٥ - هل هذه السبعة الأحرف متفرقة في القرآن؟]

لا شك عندنا في أنها متفرقة فيه، وفي كل رواية وقراءة باعتبار ما قررناه


(١) انظر تأويل مشكل القرآن ص ٣٦ - ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>