للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين أن الطبقات العليا كانت تسرح وتمرح في الشك، مرجئة التقى والورع إلى دنوا الأجل المحتوم. وقامت في الأراضي الوطيئة تسوية جغرافية، فأبقت المقاطعات الجنوبية على الكثكلة، وانتصرت الكلفنية في الشمال. وأنقذ البروتستانتية في ألمانيا كاردينال فرنسي، وثبتت بافاريا والنمسا على ولائهما القديم، على حين أعيدت المجر وبوهيميا إلى حظيرة البابا، وأصبحت البروتستانتية قانون الأرض أو المبدأ الرسمي في إسكندناوة، ولكن ملكة السويد آثرت طقوس رومة، واقترحت إليزابث في إنجلترا اتحاداً كريماً بين الطقوس الكاثوليكية والحرية الوطنية، ولكن البروتستانتية الإنجليزية التي تفرقت شيعاً أبرزت حيويتها وغامرت بحياتها.

وفي غمرة تناحر الجيوش والمذاهب، كانت "دولية العلوم" تكافح للإقلال من الخرافة والخوف. كانت تخترع أو تعمل على تحسين الميكروسكوب والتلسكوب والترمومتر والبارومتر، وكانت تبتكر اللوغاريتمات والنظام العشري، وتصلح التقويم، وتبتدع الهندسة التحليلية، وكانت تحلم، لفورها، بتحويل كل المواقع إلى معادلة جبرية. وكان تيكوبراهي قد قام بكل الأرصاد المتكررة الصابرة التي مكنت لكبرل من صياغة قوانين حركة الكواكب، التي أنارت الطريق أمام نيوتن ليبصر بقانون كوني عام واحد. وكان جاليليو يكشف عن عوالم جديدة أوسع، بمناظيره المقربة التي كان يعمل على تحسينها وتكبيرها باستمرار، وفي قاعات محكمة التفتيش كان النزاع بين العلم والدين يفرغ في قالب مسرحي. وفي مجال الفلسفة ارتضى جيوردانو برونو الإعدام حرقاً حتى الموت، في محاولته لإعادة فهم الألوهية والكون على أسس تلتئم مع أفكار كوبرنيكس، كما أن فرانسيس بيكون الذي يدعو ذوي العقول المفكرة إلى العلم، كان يخطط مهام