للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعابد إطلاقاً في العالم كله (١١٠) - ليس في الهند بل تراه في جاوه؛ ففي القرن الثامن فتحت أسرة "شايلندرا" السومطرية جزيرة جاوه، وأقامت فيها البوذية ديانة رسمية، وأعدت المال اللازم لبناء المعبد الضخم في "بوروبودور" (ومعناها بوذون كثيرون) (١١١)، والمعبد في ذاته معتدل الحجم غريب التصميم فهو عبارة عن " أكمة للمدافن" صغيرة يعلوها ما يشبه القبة، وتحيط بها اثنتان وسبعون أكيمة رصت حولها في دوائر متحدة المراكز؛ ولو كان هذا كل شيء لما كانت "بوروبودور" شيئاً مذكوراً؛ أما ما يخلع الجلال على البناء فقاعدته التي تبلغ مساحتها أربعمائة قدم مربعة، فهي مصطبة عظيمة تتألف من سبع درجات تتدرج صغراً كلما علوت معها، وفي كل درجة منها أركان للتماثيل، حتى لقط عَنّ لمن قاموا بنحت التماثيل في "بوروبودور" أن يقيموا تمثال بوذا في هذا الركن أو ذاك أربعمائة وستاً وثلاثين مرة، ولم يكْفِهم كل هذا، فنحتوا في جوانب الدّرَج ثلاثة أميال من النقوش البارزة يصورون بها ما ترويه الأساطير عن مولد صاحب القصيدة ونشأته وإشراق الحقيقة عليه، وأظهروا في كل ذلك مهارة جعلت هذه النقوش البارزة من أبدع مثيلاتها في آسيا (١١٢)؛ وبلغت العمارة الجاوية أوجها في هذا الضريح البوذي الجبار، والمعابد البرهمية المجاورة في "برامبانام"، ثم انحدرت بعدئذ انحداراً سريعاً، فقد كانت جزيرة جاوه حيناً من الدهر قوة بحرية فارتفعت إلى الثروة والترف، ورعت في ظلها كثيراً من الشعراء؛ لكن ما جاءت سنة ١٤٧٩ حتى أخذ المسلمون يعمرون هذا الفردوس الاستوائي، ومنذ ذلك الحين لم تنتج فناً ذا خطر، ثم وثب فيها الهولنديون سنة ١٥٩٥، وجعلوا يستولون عليها إقليماً بعد إقليم مدى القرن التالي لذلك التاريخ، حتى بسطوا عليها سلطانهم كاملاً.

ولا يفوق معبد "بوروبودور" إلا معبد هندوسي واحد، وهو أيضاً ليس في الهند، ولو أن هذا المعبد قد طمسته الغابة البعيدة التي اكتنفته بأشجارها