للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الخطوة التالية هي تنظيم الفنانين. وهنا أيضاً كان مازاران سباقاً. ففي ١٦٤٨ أسس أكاديمية التصوير والنحت، وفي ١٦٥٥ أصدر الملك مرسوماً بهذه الأكاديمية فأصبحت الأولى في سلسلة من الأكاديميات التي قصد بها تدريب الفنانين وتوجيههم إلى خدمة الدولة وتجميلها. والتقط كولبير الخيط حيث تركه مازاران، وبلغ بهذه المركزية للفن الفرنسي القمة. وكان يتطلع إلى "جعل الفنون تزدهر في فرنسا أكثر من ازدهارها في أي بلد آخر (١) " رغم أنه لم يدع لنفسه ملكة الحكم في أمور الفن. وبدأ بأن اشترى للملك مصنع جوبلان للنسيج المرسوم (١٦٦٢) وفي ١٦٦٤ حصل على منصف المشرف على العمائر، فأتاح له هذا المنصب هيمنة على المعمار والفنون الملحقة به. وفي ذلك العام أعاد تنظيم أكاديمية التصوير والنحت، وسماها الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة. وكان هنري الرابع قد أسكن اللوفر طائفة من مهرة الصناع بيزينوا القصور الملكية. فجعل كولبير من هؤلاء الرجال نواة للمصنع الملكي لأثاث التاج (١٦٦٧). وفي ١٦٧١ أنشأ الأكاديمية الملكية للعمارة، حيث أغرى الفنانون بالبناء والزخرفة بـ"الذوق الرفيع" الذي يحبذه الملك. وفي هذه الجماعات كلها وضع مهرة الصناع تحت إشراف الفنانين، وهؤلاء تحت إرشاد سياسة وطراز موحدين.

ورغبة في دعم الاتجاه الكلاسيكي الذي تلقاه الفن الفرنسي إبان عهد فرنسوا الأول، وتنقيته من التأثيرات الفلمنكية، أنشأ كولبير وشارل لبرون أكاديمية فرنسا الملكية في روما (١٦٦٦). وكان الطلاب الحائزون على جائزة روما في أكاديمية باريس يبعثون إلى إيطاليا ويعالون خمس سنين على حساب الحكومة الفرنسية. وفرض عليهم أن يستيقظوا في الخامسة صباحاً ويمضوا إلى الفراش في العاشرة مساءاً. وقد دربوا على نسخ النماذج الكلاسيكية ونماذج النهضة ومحاكاتها، وكان ينتظر من كل من هم أن ينتج "رائعة" (بالمعنى المصطلح عليه في نظام الطوائف) مرة كل ثلاثة أشهر، فإذا عادوا إلى فرنسا كان للدولة الحق المقدم في خدماتهم.